الطريق الأوضح لتحسين جودة الحياة

أحيانًا، لا تكون الحياة قاسية.. بل ضيقة. تضيق بنا لأننا لم نمنح عقولنا المساحة الكافية للنظر من أعلى، للتأمل من بعيد، لفهم ما يحدث خارج إطار التجربة المباشرة. وهنا، تحديدًا، تأتي أهمية القراءة.
الفرق بين القارئ وغير القارئ، ليس في عدد المعلومات التي يحفظها، ولا عدد الكتب المنجزة، بل في جودة الرؤية. القارئ يرى الحياة من زوايا إضافية، بينما الشخص الذي لا يقرأ يراها كما جاءت؛ بألمها وفرحها ومفاجآتها، دون أن يُعاد ترتيبها أو فهمها من الداخل.
تجربتي الشخصية مع القراءة لم تكن أكاديمية، بل وجودية بحتة. لم أبدأ لأجل المعرفة فقط، بل بدافع الفضول، ثم كنافذة للنجاة. في مراحل مختلفة من حياتي، كانت الكتب هي الوسيلة الوحيدة لفهم نفسي. كنت أجد فيها شرحًا غير مباشر لما أمرّ به، وكأن كاتبًا من مكانٍ بعيد، عبر زمنٍ مختلف، مدّ لي يدًا وقال: «أشعر بك»، كنت أتفاجأ حينما أرى السطور تحاكي واقعي الحالي، وكأن الكاتب قد عاش حياتي من قبل!!
القراءة تعلّمك ألا تنتظر الألم حتى تتعلّم. وأتذكر اقتباسًا قرأته في أحد الكتب، لا أذكر كاتبه للأسف، لكن معناه لا زال راسخا في ذهني: «الذكي من يتعلّم من أخطائه، أما الأذكى فهو من يتعلّم من أخطاء غيره». القراءة تمنحك تلك الفرصة الذهبية أن تختصرعُمرك، بأن تعيش أعمار الآخرين، حين تقرأ عن انهيار شخص رغم نجاحه، أو عن سيدة عاشت طفولة موجعة وتجاوزتها بالفن، أو عن رجل واجه خيبة سياسية ثم تحول إلى فيلسوف.. لا تقرأ قصصهم فقط، بل تقرأ احتمالاتك المستقبلية، وتبني استجابات أذكى.
خذ على سبيل المثال، من لا يقرأ، ويعيش خيبة فقد. غالبًا ما يستهلكه الألم، ويطيل المكوث في دائرة الأسى. بينما القارئ، ربما يكون قد قرأ يومًا عن النهايات، عن التغيّرات، عن هشاشة المشاعر وقوتها، عن فلسفة التقبّل.. فيصبح الفقد أقل قسوة، لأنه ليس مفاجئًا تمامًا.
القراءة لا تصنع حياة مثالية، لكنها تجعل الحياة مفهومة. وكما يُدخل المبرمج شيفرة دقيقة في نظام التشغيل ليحصل على نتائج واضحة ومدروسة، نحن نغذّي عقولنا بالأفكار، فننتج قرارات أكثر وعيًا، ومشاعر أكثر توازنًا، ورؤية أطول عمرًا.
ولعل من المواقف التي جعلتني أُدرك أثر القراءة في حياتي، تلك الدهشة التي أراها أحيانًا حين يعرف الآخرون عمري. لا أذكر هذا على سبيل المديح، بل كمثال بسيط على كيف يمكن للقراءة أن تسبق بك العمرعزيزي القارئ. كثيرًا ما أُوصف بأن تفكيري أكبر من سني، وأن وعيي لا يُشبه مرحلتي العمرية، وأعتقد أن السبب الحقيقي لا يعود إلى استثناء، بل إلى عادة. عادة تغذية العقل، كما نغذي الجسد تمامًا.
القارئ يبني داخله مرونة، كل فكرة جديدة تمنحه مساحة داخلية إضافية لفتح مدارك أوسع، تمامًا كمن يوسّع بيته غرفةً بعد أخرى، حتى لو لم يسكنها جميعًا… في الأخير تبقى القراءة خيارًا راقيًا وواعيًا لمن أراد حياة لا تستهلكه، بل تكمّله. ليست كل قراءة مفيدة، ولكن كل قارئ حقيقي، أقصد ذاك الذي يقرأ ليعيش لا ليتباهى، يعود أكثر عمقًا، أكثر تفهّمًا، وأقل ضيقًا بالحياة.
إن أردت أن تبدأ بتحسين جودة حياتك، لا تفتش عن وصفات سريعة، بل ابدأ بفتح كتابًا. فالحياة لا تتغير من الخارج.. بل من الداخل أولاً، من العقل تحديدًا، عقلك هو الذي يعكس واقعك.
pbthdw@gmail.com

قال وقلت

قال: من هو الشاعر السعودي صاحب قصيدة إلى أمي الهفوف .
قلت: وهل يخفي القمر.. وقال فيها غازي القصبي -رحمه الله- :
إلى أمي… الهفوف
أمَّ النخيل!… هبيني نخلةً ذَبُلتْ
هل ينبتُ النخلُ غضًّا بعد أن ذَبـُلا؟!
يا أمُّ… رُدّي على قلبي طفولَته
وأرجعي لي شبابًا ناعمًا أفِلا
وطهّري بمياهِ العينِ… أوردتي
قد ينجلي الهمُّ عن صدري إذا غُسـِلا
هاتي الصبيَّ… ودُنياه… ولُعبـَتـَه
وهاكِ عُمري… وبُـقيا الروحِ والمُـقَلاَ..
قال: كيف ينجح المدراء في أعمالهم ونشاطاتهم ومسؤولياتهم.
قلت: لا شك بعد حسن اختيار مدير مكتبه أو سكرتيره وهو القادر على تمثيله خير تمثيل.. بل يستطيع أن يدفع بمديره الى الأمام والعكس صحيح.
قال: ماذا تعني لك الحرية.
قلت: تعني لي ولكل إنسان الشيء الكثير.. والمؤسف أننا في هذا الزمن باتت دول ترمي بحرية الإنسان وإنسانيته، بل وتدمره وتساهم في تجويعه حتى الموت.. كأنهم يرونه إنسان لايستحق أن يعيش فلا قيمه له. وجميعنا يعرف ما وراء ذلك !
قال: ما الذي أسعدك هذا الأسبوع .
قلت: أشياء كثيرة أسعدتني ومن أهمها نجاحات سياسة السعودية وموقفها المشرف في مختلف المجالات.. ومنذ عهد الموحد -طيب الله ثراه-.. وهذا الموقف يتجدد في كل العهود، وها هي دول غربية بفضل جهود وطننا الحبيب تنادي بضرورة الاعتراف بدولة فلسطين وحل الدولتين.
قال: ما هو المشهد الذي لم تكن تحب أن تراه .
قلت: هي مشاهد لا مشهد واحد.. التدمير وقتل الأبرياء وتفجير مباني ومساكن الأشقاء في غزة وغيرها.. مشاهد أبكت العالم.. ولن أزيد.
almaglouth@yahoo.com