قدّم معلم الرياضيات وباحث الدكتوراه في قسم القيادة بجامعة الملك خالد، محمد الأسمري، نموذجاً ملهماً في الجمع بين رسالة التعليم وشغف الابتكار، حيث استطاع أن يحول قاعة الدرس إلى منطلق لمشاريع نوعية أسهمت في رفع اسم المملكة العربية السعودية عالياً في محافل دولية، وأكد أن الابتكار بالنسبة له ليس مجرد إنجاز علمي، بل رسالة ومسؤولية اجتماعية تعكس مكانة المملكة وتطلعاتها المستقبلية.
الحد من حوادث السير وحرائق الغابات
وكشف الأسمري عن إنجازه الأبرز المتمثل في اختراع تقني يسهم في الحد من حوادث السير ويعمل على تقليل الخسائر البشرية والاقتصادية الناتجة عنها، مبيناً أن المشروع ينتظر تطبيقه بالتعاون مع وزارة النقل قريباً، بما يعكس الدور الكبير للابتكار في معالجة القضايا المجتمعية الكبرى.
كما أوضح أنه أنجز مشاريع أخرى ذات أهمية بالغة، منها ابتكار يعالج مشكلة حرائق الغابات، ومشروع آخر يُعنى بالحفاظ على نظافة الحرمين الشريفين وأسقف الكعبة من فضلات الطيور، بالإضافة إلى نموذج مبتكر لإنقاذ الأطفال الذين يسقطون في الآبار، ويعمل هذا النموذج على إخراجهم بطريقة أكثر أماناً وأقل جهداً ووقتاً، فضلاً عن جهاز مخصص للصيد حصل على براءة اختراعه وينتظر حالياً موافقة الجهات المختصة على نشره وتسويقه في مواقع بيع أدوات الصيد.
جوائز دولية ومحلية
وأشار الأسمري إلى أنه حصل خلال مسيرته على 6 براءات اختراع، وحقق للمملكة العربية السعودية 4 إنجازات دولية نوعية من خلال حصد المركز الأول والميدالية الذهبية 4 مرات في محافل عالمية كبرى بجنيف وماليزيا والكويت، إلى جانب العديد من الجوائز المحلية، مؤكدًا أن هذه الإنجازات لم تكن لولا الدافع الوطني المتمثل في رفع اسم المملكة عالياً وتمثيلها بالصورة المشرفة التي تليق بأفراد المجتمع السعودي، مبيناً أن الابتكار والإبداع هو ما يليق بعقول أبناء هذا الوطن العظيم.
وأوضح الأسمري أن الدافع وراء انخراطه في الابتكار يعود إلى رغبته في إيجاد حلول عملية لمشكلات المجتمع والبيئة، انطلاقًا من إيمانه العميق بأن“خير الناس أنفعهم للناس”.
وأضاف أن التجارب المحلية والدولية التي خاضها كانت ممتعة ومفيدة، حيث أتيحت له من خلالها فرصة الاطلاع على أحدث التقنيات العالمية والانطلاق من حيث انتهى الآخرون، إلا أن هذه المشاركات حملته أيضاً مسؤولية كبيرة تتمثل في نقل الخبرة إلى الطلاب ومجتمعات الموهبة والابتكار في المملكة، وهو ما قام به بالفعل من خلال تنفيذ الورش والدورات التدريبية لطلاب التعليم العام وكذلك طلاب الجامعات والكليات التقنية، لخلق بيئة داعمة للابتكار والإبداع.
منحة ربانية لحل المشكلات
وبيّن الأسمري أن الابتكار بالنسبة له هو شغف مستمر ومنحة ربانية، حيث وهبه الله القدرة على حل المشكلات وإيجاد الحلول التي تنفع المجتمع، لافتاً إلى أن مشقة الجمع بين التعليم وإنجاز المشاريع الابتكارية وتقديم التدريب المستمر لفئات المجتمع تزول عند تحقيق أي إنجاز يشرف الوطن، مؤكداً أن“كلما كبرت العوائق كلما عظُم المجد”.
وتحدث الأسمري عن التحديات التي واجهته في مسيرته، مبيناً أن التمويل المادي لدعم المشاريع يمثل التحدي الأكبر أمام المبتكرين، بالإضافة إلى أن مشكلة التصنيع للمنتجات تعتبر معقدة نوعًا ما وقد تضطر الكثير من الابتكارات إلى التصنيع في الخارج.
وأضاف أن الإمكانات التي وفرتها الدولة جلية وواضحة، والعقول موجودة وبكثرة، إلا أن التحدي يكمن في كيفية تحويل هذه الابتكارات إلى مشاريع واقعية وتنفيذها داخلياً، ثم تحويلها لاحقاً إلى منتجات قادرة على المنافسة في الأسواق الدولية.
دعم القيادة للحراك الابتكاري بالمملكة
وأكد الأسمري أن الحراك الابتكاري في المملكة الآن كبير، وأن الجامعات والمؤسسات الحكومية تمثل بيئة حاضنة للابتكار، مشيراً إلى أن دعم القيادة في هذا المجال واضح وجلي، ويتطلب من الشباب المضي قدماً في تبني حلول ابتكارية تسهم في دعم الاقتصاد الوطني وتترجم مستهدفات رؤية المملكة 2030.
ودعا الأسمري جميع زملائه المعلمين والمعلمات إلى أن يجعلوا من فصولهم مختبرات للإبداع، وأن يحفزوا طلابهم ليكونوا رواداً للمستقبل، كما دعا جميع الطلاب إلى أن يبقوا ملتزمين بطموحاتهم وشغوفين بسعيهم، مؤكداً أن قيادة هذا الوطن العظيم قد استعدت لمستقبل الأجيال عبر رؤية طموحة، ولم يبقَ سوى أن يترجم أبناء الوطن ذلك على أرض الواقع من خلال عطائهم وتميزهم وابتكاراتهم.