قبل ساعات من موقعة الحسم المرتقبة على أرضية ملعب الإنماء في جدة، يبدو أن الفرنسي هيرفي رينارد يعيش حالة من التركيز العالي الممزوج بقدر كبير من الحسابات التكتيكية الدقيقة. مواجهة العراق في الملحق الآسيوي المؤهل إلى كأس العالم 2026 لا تحتمل المجازفة، خصوصًا وأن المنتخب السعودي يحتاج فقط إلى نقطة واحدة لضمان التأهل رسميًا، وهو ما يدفع المدرب الفرنسي إلى انتهاج مزيج من الواقعية الدفاعية والانضباط في التحول السريع.
رينارد الذي يُعرف بصرامته وقراءته المسبقة للمنافس، يدرك أن المنتخب العراقي يمتاز بالقوة البدنية والاندفاع الهجومي، ما يتطلب تفعيل أسلوب “المواجهة الذكية” بدل الدخول في صراع مفتوح. لذلك من المتوقع أن يبدأ اللقاء بأسلوب 4-3-3 مرن يتحول في الحالة الدفاعية إلى 4-5-1، لإغلاق المساحات أمام مفاتيح لعب العراق على الأطراف والعمق معًا.
في حراسة المرمى، يستند رينارد إلى نواف العقيدي بوصفه نقطة ثبات وهدوء في الخط الخلفي، بينما يعتمد دفاعيًا على رباعي يجمع بين الصلابة والسرعة: متعب الحربي في الجهة اليسرى لدعم الجهة الهجومية عند الحاجة، وفي العمق الثنائي حسان تمبكتي وجهاد ذكري لفرض الرقابة على المهاجم العراقي، مع نواف بوشل في الجانب الأيمن لأدوار ثنائية دفاعية وهجومية.
أما في وسط الميدان، فيتجه رينارد إلى فرض السيطرة على الإيقاع عبر ثلاثي قادر على افتكاك الكرة وبناء الهجمة بتوازن: عبدالله الخيبري كحائط صد أمام الدفاع، وإلى جانبه ناصر الدوسري ومصعب الجوير لتوفير الربط بين الخطوط وتسهيل التمرير في النصف الهجومي دون التسرع.
تكمن خطورة الأخضر في الثالوث الهجومي: سالم الدوسري صاحب الخبرة والقدرة على صناعة الفارق، وفراس البريكان كمحطة لاستلام الكرات تحت الضغط، وصالح أبو الشامات الذي يتميز بالقدرة على التوغل والاختراق من الجهة اليمنى. تعليمات رينارد على الأرجح ستكون بالهجوم المتزن مع استغلال الهجمات العكسية واستثمار المساحات خلف دفاع العراق.
لن يبحث رينارد عن استعراض هجومي ولا مغامرات غير محسوبة، بل سيعمل على امتصاص اندفاع الخصم وإدارة المباراة بعقلانية حتى صافرة النهاية. فالعقلية التي يقود بها المواجهة تتمحور حول “تأهل مضمون بأقل تكلفة”، وهو شعار يعكس نضجًا وخبرة في التعامل مع مباريات العبور الكبرى.