المبادرات المجتمعية بين القطاع العام والخاص

قبل أيام قلائل نظمت أمانة المنطقة الشرقية، مبادرة «اتحاد الأحياء»، وهي ضمن حملة «تطوعك يبني مستقبل الشرقية» التي أطلقتها وزارة البلديات والإسكان، لتعزيز ثقافة التطوع، وتحسين المشهد الحضري. ومثل هذه المبادرات تعزز ثقافة العمل التطوعي لدى المواطن، وهي تتوافق مع «رؤية 2030».
وهذه المبادرات الميدانية تهدف إلى إشراك سكان الأحياء في معالجة التشوهات البصرية في المرافق العامة، وأيضا هي تقديم حلول عملية وميدانية، وتحفز المشاركة المجتمعية، وبالتالي هي تحسين لجودة الحياة.
والعمل التطوعي هو وسيلةً من وسائل النهوض بالمجتمعات، ورمز للتكافل والتكاتف بين أفراد المجتمع، وينعكس كذلك بالأثر الإيجابي على حياة المجتمع والوطن. ولابد من الإشارة أنه تم تحقيق مستهدف رؤية 2030 بوصول إلى مليون متطوع، وهذا يدل على وعي المواطن في أهمية المشاركة في الأعمال المجتمعية والتطوعية والإنسانية.
ومن الجدير بالذكر والتنويه عن «المنصة الوطنية للعمل التطوعي»، وهي منصة وطنية للعمل التطوعي تحت إشراف المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي. وهي تُنظم وتدير العلاقة بين الجهات الموفرة للفرص التطوعية والمتطوعين في المملكة العربية السعودية للقطاعات «الحكومي، الخاص، غير الربحي». وهي توفر فرص للمشاركة بالعمل التطوعي في مجالات متعددة مثل: فني، قانوني، بيئي، صحي، تقني، الأمن والسلامة، تسويقي، ثقافي، إغاثي، اجتماعي، إداري، التربية والتعليم، نفسي، هندسي، وضيوف الرحمن وغيرها من المجالات التطوعية، والتي تناسب كل فرد حسب ميوله وموهبته.
وحين يكون العمل التطوعي في المجال الذي يرغبه فيه الفرد، فهذا ينمي التواصل والمهارات الاجتماعية، ويعزز الثقة بالنفس، ويصقل الشخصية، ويحسن الصحة النفسية، ويطور القدرات القيادية، واكتساب الخبرة العملية، ويعزز القيم الأخلاقية وغيرها من الفوائد لكل من الفرد والمجتمع. أضف إلى ذلك، أنه من خلال المنصة يكمن توثيق ساعات العمل التطوعي، وإصدار الشهادات.
ولا بد من تذكير القطاع الخاص من الشركات والمؤسسات والبنوك أن يكون لها كذلك مبادرات اجتماعية وتطوعية في خدمة المجتمع لتتنافس مع القطاع العام، ففي مثل هذا المجال الإنساني والتطوعي، فليتنافس المتنافسون. وهذه المجالات التي تنفع المجتمعات ليس فهي خاسر، بل هي ما يسمي «win/win situation»، فهي مسألة مربحة للجميع، المجتمع والقطاع الخاص. حيث تكون هي دعاية للقطاع الخاص في تعزيز العلامة التجارية، وتوسيع شبكة العلاقات مع المنظمات غير الربحية، وزيادة ثقة المستهلك والعميل لأن جزء من الأرباح سيذهب لمجال الخدمة المجتمعية والتطوعية، وليس فقط إلى جيوب المستثمرين. وهي أيضا بدون شك شكر وعرفان للوطن.
والانخراط في العمل التطوعي خاصة للشباب هو فرصة لتنمية المهارات الاجتماعية والقيادية، وتعزيز الشعور بالمسؤولية، وزيادة الوعي، والابتعاد عن ملازمة مواقع التواصل الاجتماعي والعزلة، واكتساب الخبرات العملية، واستغلال الصحة والفراغ «وهما نعمتان مغبون فيهما كثير من الناس»، وتعزير أيضا للسيرة الذاتية والمهنية.
ولعلي في الختام، أذكر بالحديث النبوي الشريف الذي يصلح أن يكون شعارا لكل عمل تطوعي وإنساني: «إن قامتِ السَّاعةُ وفي يدِ أحدِكم فسيلةٌ، فإن استطاعَ أن لا تقومَ حتَّى يغرِسَها فليغرِسْها».
abdullahalghannam@hotmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *