اشتر الآن.. وادفع عمرك لاحقا!!

انتشرت في السنوات الأخيرة منصات مالية تقدم خدمة الشراء بالتقسيط الميسر. وهي فكرة بدت في بدايتها حلا لتخفيف بعض الضغوط المعيشية، حيث يحصل الفرد على ما يحتاجه الآن ويسدد على دفعات صغيرة لاحقا.
لكن هذه السهولة سرعان ما انقلبت على كثير من الأسر بعدما تحولت إلى وسيلة استهلاك غير مدروس شجع على شراء الكماليات قبل الضروريات حتى غرق البعض في ديون متراكمة تفوق طاقتهم..
فالوجه الخفي للتقسيط يكمن في تلك المغريات التي تقدمها المنصات، فتجعل المستهلك يعيش وهماً من الراحة المالية فيندفع نحو الشراء دون دراسة لقدراته او حاجته الفعلية ومع حلول موعد السداد يكتشف أنه مطالب بفواتير متفرقة من أكثر من جهة، ومع عجزه عن تغطيتها تبدأ الأزمة بالظهور.
هذه الأزمة لا تقتصر على الجانب المالي فقط، بل تمتد إلى الجانب النفسي والاجتماعي حيث يتأثر استقرار الأسر وتزداد حدة التوتر بين أفرادها..
ضحايا الإغراق
وفي زمن الإغراءات لم تعد الراحة الحقيقية في الشراء بل في الادراك أن ما نملكه أكبر مما نفتقده.. فالرفاه الموهوم قد يتحول إلى فخ من الديون المتراكمة والمستهلك الذي يظن أنه يعيش ترفا إنما يغرق في التزامات لا تنتهي.. فالوعي المالي لم يعد رفاهية بل أصبح درعاً يحمي الأسر من دوامة الديون التي تتكرر دون توقف.وحين تعجز الأسرة عن الوفاء بالتزاماتها تلجأ إلى الاقتراض لتسديد أقساط سابقة فتجد نفسها في دائرة مغلقة من المديونيات.
دائرة قد تؤدي إلى إيقاف خدمات أساسية أو المساس بقدرتها على تلبية الاحتياجات الأولية مثل السكن والطعام وغيره من أولويات ومع تزايد الضغوط يصبح المستقبل المالي للأسرة مهددا على المدى الطويل..
والحل ليس في إلغاء هذه المنصات، بل في ترشيد استخدامها، فالمطلوب وعي مجتمعي يفرق بين الحاجة والرغبة وبين الاستهلاك الضروري والترف المؤقت كما أن وضع ضوابط واضحة تحد من الاستدانة المفرطة أصبح أمرا ضرورياً.
إضافة إلى شفافية كاملة من قبل المنصات في عرض الرسوم والغرامات وحملات توعية تعزز ثقافة الادخار والتخطيط المالي داخل المجتمع.
ختاما..
التقسيط الميسر قد يكون باباً للراحة إذا استُخدم بعقل، لكنه يتحول إلى باب للمعاناة إذا غاب عنه الوعي.
وما يبدو راحة لحظية قد يصبح عبئا ثقيلا يطارد الأسرة لسنوات، فالتوازن بين الرغبة والقدرة والطموح والإمكانات هو مفتاح النجاة في زمن تتضاعف فيه الإ7غراءات.
moad_aziz@hotmail.com