منظمات عاجزة ومنظمات ناجحة

في الوقت الذي تشهد فيه معظم المنظمات وبيئات العمل- سواءً كانت منظمات وهيئات حكومية أو خاصة- نقلة نوعية جديدة وتطوراً كبيراً على مستوى الخدمات وتحسين بيئة العمل والالتزام بمعايير الجودة والحوكمة والتخطيط الاستراتيجي، والتسارع المستمر لتحقيق الأهداف الاستراتيجية الطموحة التي تسعى إليها؛ إلا أن هناك العديد من التحديات التي تواجهها بعض المنظمات في مواكبة التغيرات السريعة بما يحقق احتياجات ومتطلبات القطاع، فيمكن اعتبار أو تصنيف المنظمات ناجحة أو فاشلة بناءً على قدرتها في تحقيق أهدافها بشكل مستدام، فالمنظمات التي لديها رؤية ورسالة واضحة، وشفافية عاليه، وقيادة فاعلة تستند في قراراتها على أسس علمية صحيحة، وتراهن على فريق العمل بناءً على العدالة والكفاءة والنزاهة، وقادرة على مواجهة التحديات المختلفة والتكيف مع المتغيرات الجديدة بما يضمن استمرارية العمل والإنتاج في بيئة مستقرة ومحفزه، وتمكين الأفراد ومنح الصلاحيات اللازمة، والقدرة على مواكبة التجديدات المعرفية والتقنية والتغيرات الاقتصادية والاجتماعية، فيمكن اعتبار هذه أبرز ملامح المنظمات الناجحة، إذ يشكل اليوم الإبداع والابتكار واحدًا من أهم سمات وشعار المنظمات الناجحة والرائدة التي تقدم أفكاراً جديدة ومبتكرة تسهم في تطوير العمل وتلبي احتياجات المجتمع المحلي والعالمي، حيث تبرز منظمات نجحت في تحقيق اهدافها الاستراتيجية وقدمت نموذجاً عالمياً في التنمية الاجتماعية والاقتصادية مثل مايكروسوفت وشركة آبل، ولدينا في المملكة نماذج لمنظمات محلية مماثلة ناجحة مثل أرامكو السعودية وسابك و»STC» وغيرها.
وبالحديث عن المنظمات العاجزة أو التي تفشل في تحقيق النجاح المطلوب منها، تبرز العديد من العوامل المؤثرة التي تؤدي إلى الإخفاق وعدم القدرة على المنافسة منها: غياب الرؤية الواضحة والتخطيط الجيد، والقيادة الضعيفة، والفساد الإداري والمالي، وعدم الوعي الكافي للعاملين بالقطاع بالأهداف الحقيقية للمنظمة، بوجود قيادة متواضعة لا تعمل على النهوض بمستوى الأداء الوظيفي والإداري إضافةً لاتخاذ قرارات غير مدروسة لا تستند عن أسس علمية سليمة ودراسات، مما ينتج عن هذه القرارات هدر الموارد وتهميش للكفاءات، ومقاومة للتغيير والتأخر في مواكبة التطورات وعدم التجديد، وضعف الابتكار، وهي عوامل ومؤشر كاف على ضعف المنظمة وعدم قدرتها على مواجهة التحديات المستقبلية، فهي منظمات تفتقد لغياب التخطيط وسوء الإدارة والشفافية في عصر متسارع ومتغير لا يحتمل التأخير ومقاومة التغيير.
تتفوق المنظمات الناجحة عادةً بوضوح الرؤية والرسالة والقيادة التنفيذية، والابتكار، والأثر، والثقافة التنظيمية، والتنافسية، والاستدامة، والتجديدات المعرفية والتقنية وبيئة جاذبة للاستقطاب لما تقدمه هذه المنظمات للأفراد من نمو وتطوير، فهي تؤمن بالنجاح المهني والتدرج الوظيفي، وهي عناصر تكاد تكون غير موجودة في المنظمات التي تتسم بالغموض والعشوائية وضعف التخطيط والهدر العام، والجمود ومقاومة التغيير والصراعات الداخلية، وهذا مؤشر قوي على عدم قدرة هذا النوع من المنظمات على الاستمرارية والتقدم في أجواء وبيئة غير صحية وطاردة قابلة للانهيار والتراجع والخروج من دائرة المنافسة والنمو، وكذلك عدم ثقة المجتمع الذي دائماً ما يضع ثقته في المؤسسات التي تسهم بشكل كبير وفعال في خدمة المجتمع والاستفادة من البرامج التعليمية والاجتماعية التي تخدم التنمية البشرية والاجتماعية.
لم يعد النمط التقليدي الذي يقاوم التحول والتغيير والفكر البشري المتقدم وتمكين الكفاءات البشرية وتطوير المهارات اللازمة صالحاً اليوم في ضوء ما تشهده المملكة من تصاعد مستمر في مختلف المجالات الاقتصادية والاجتماعية والثقافية وعلى مستوى النمو المهني والمهارات للأفراد والمجتمعات وهو جزء من مشروع تنموي متكامل تؤمن به حكومة المملكة، وتحقيقاً لمستهدفات رؤية السعودية 2030 ما ينعكس إيجاباً وأثراً على مستقبل الاقتصاد الوطني المحلي من خلال الاستثمار في العنصر البشري الذي يشكل أولوية رئيسية للتنمية المستدامة في المملكة.
khaledaldandani@gmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *