الكتاب بين الضرورة والترف

نشهد هذه الأيام تظاهرة ثقافية نفختر فيها ضمن المهرجانات الأدبية في المملكة تتمثل في معرض الرياض الدولي للكتاب ضمن جهود وزارة الثقافة السعودية وهي جهود وزارة كجزء من خطط القيادة لتطوير المجتمع وتنميته وتعزيز ثقافة القراءة وبالأخص للأجيال الحالية والقادمة التي تصطدم بمغريات وسائل التواصل الاجتماعي التي جنحت بهم إلى عالم جديد ومتسارع وغير متصالح للأسف مع بناء الإنسان بالشكل السليم.
وبالنسبة لي فإن القراءة هي المحرك الأساسي لتطور الفرد والمجتمع على حد سواء حيث تمثل النفس الذي يدفع الفرد إلى الارتقاء والتميز وتوسيع الادراك وبالتالي انعكاسه إيجابياً على كافة مناحي الحياة كما أن القراءة والتعليم جزءاً من عملية إعادة بناء المجتمع وتحوّله إلى قوة اقتصادية ومعرفية كبرى لتحقيق التنمية المستدامة.
ويتحتم على أبناءنا في هذا الجيل ومن يخلفهم أن يعلموا أن القراءة والانغماس فيها جزء من غذاء الروح والعقل معاً وليست رفاهية اجتماعية أو أداة للظهور الاجتماعي تنتهي بالتصوير مع الكتب أو ركنها في زوايا الأمكنة كما نراه الآن في عصر الانفجار المعلوماتي وفضاء التواصل الاجتماعي.
لقد كانت الأجيال السابقة تبذل الغالي والنفيس في رحلة شاقة للحصول على الكتب الفريدة لتكون النافذة التي تعبر بهم إلى عوالم أخرى يتعرف فيها على ثقافات الآخرين وعلى أسلوب تفكيرهم. حيث كانوا ينظرون إليها على أنها ضرورة، لا ترف وهو مادفع اليابانيين على سبيل المثال إلى أن ينكبوا على القراءة والتعلم بعد كارثة الحرب العالمية الثانية مما ساهم بعد توفيق الله بنقلة حضارية وتقنية أبهرت العالم أجمع، كما أنها ساهمت كذلك في إعادة بناء المجتمع الأوروبي ونقله من أتون الظلام إلى عصر التنوير والتنمية.
إن القراءة بعد توفيق الله جزء أساسي ومحوري في بناء المجتمعات وتحوّله إلى قوة اقتصادية ومعرفية كبرى حيث تمثل قوة تغيير حقيقية لا يستهان بها، وبالتالي فأني أشد على أيدي شبابنا بكافة أطيافهم أن يعملوا على رقي وتنمية هذا البلد الغالي من خلالها ويحافظوا على المكتسبات ويكونوا حجراً في بناءه ليقدموا له القليل مما يستحق.
harbimm@gmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *