هل اضطرب فؤادك وتشتت كيانك؟ هل اهتزت سفينتك وسط هائج أمواج صدرك؟ هل خيم الخوف والقلق على سمائك؟
الخوف والقلق أداتان لحماية الإنسان من الوقوع فيما لا يحمد عقباه، دورهما التنبيه والتحذير لأخذ الحيطة والحذر، ولكن حينما يتحولان من حارسين مؤتمنين إلى صعلوكين متمردين ويقلبا الطاولة عليك ويسيطرا على مجرى تفكيرك، قد تنقلب حياتك رأسا ً على عقب.
ولعلهما شكلين من أشكال أمراض هذا العصر، والتي إذا لم يكبح جماحهما، فقد يدهوران صحتك وقد يسرقان من عمرك أثمنه. وإياك عزل نفسك عن الآخرين إن أصبت بهما، بل قاوم وحاول أن تحفظ ما تستطيع من السكينة والطمأنينة للحفاظ على طبيعة حياتك واصبر، فإنهما ابتلاء ولكل ابتلاء نهاية، نعم قد يكون ألمهما صامتاً مراً، تظهره دموعاً حارة تنثرها عند ركوعك وسجودك لربك باثاً همك له.
هذا البلاء الصعب يمحص من حولك، فهناك من لا يريد قربك إلا حينما تكون سعيداً مبتهجاً ولا يريد معرفتك حين وجعك وألمك، هنا تعرف من عليهم بعد ربك تتكئ، فليس الجميع يحتمل تكرار الشكوى أو حتى رؤيتك في ضعفك، بعضهم سيمد يد العون لك وبعضهم سيكون ظهره السند لك وبعضهم تلهج ألسنتهم دعاء لك، وآخرين يختفون، يتملصون من صعوبة الموقف، أو يؤمنون أن الأمر لا يعنيهم.
الخوف والقلق هما كالعاصفة الهوجاء تستمر أياماً ولكنها ستهدأ بإذن الله، وسترسو السفينة على شاطئ الأمان. ولعل الأمر أيضا مرتبط بالأحاسيس، فهناك أحاسيس بسيطة صريحة نستطيع فهمها وإدراكها، وأخرى أحاسيس مركبة تتوشح عباءة تخفي ما ورائها، مما يجعل فهمها وإدراكها وترجمتها صعبة أو مشوشة. والعقل يكره ويخاف المجهول ويحذر منه وقد تعمل أجهزة الإنذار لديك على أوج استعدادها ضد وهم لم تدرك أنه وهم أصلاً.
وعندما تكون الرؤية مشوشة وضبابية قد لا يفيد البصر بالعين ولكن بصيرة القلب والفؤاد لعلها الحل الأمثل، فأغمض عيناك واستفتي فؤادك في أمرك واستعن بالقوي الذي بيده مفاتيح الأمور، لتستقر أعاصير نفسك وتهدأ براكين تفكيرك.
bshaleid@live.com