لم تعد الثروة تقتصر على الوراثة واسم الشركات العائلية أو استثمارات ومشاريع تكبر مع الوقت، فقد يكون مشروع الثراء الذي يجني منه صاحبه الملايين، هو مجرد تطبيق تتسلى به على هاتفك، فقد تبدلت مقاييس النجاح والثروة في عصر الرقمنة الذي نحن فيه.
هذا العصر غيّر مقاييس الثراء، فعلى قائمة الفوربس 2025 والتي نُشرت مؤخرا، تجد تغيراً كبيراً في الأسماء التقليدية لأغنى اغنياء العالم من الأثرياء الذين «صنعوا» ثرواتهم وورثوها. لذا، بقوا ثابتين ومتسيدين القوائم، ولكن ما فتئ أن تراجعت تلك الأسماء التقليدية، وتبدلت القائمة إلى القائمة الأخيرة التي ارتفعت فيها أعداد الشباب الأثرياء، جراء ابتكارهم لتطبيقات أو استثمارهم في المنصات الرقمية، بعد أن قاموا بتسجيل شركاتهم في الأسواق المالية، وطلب الاكتتاب عليها، لتكون شركات عامة ومكشوفة مالياً ويتم التعرف على رساميلها الموثقة، والثروات الضخمة والمتنامية.
والمدهش أنها شركات حديثة أقدمها لم يمضي عليه عقد من الزمن منذ تأسيس وتوثيق شركته، وأحدثهم لم يمضي عليه بضعة أشهر.
هذا التغيير السريع في كل شيء، لا يدل على نمط ثابت يمكن مراقبته، بل يقلل من فرص التنبؤات، وينذر بالتغيرات المفاجئة وسرعتها في الأسواق التي دخلوها، ويجعل المتابعين والمحللين في حيرة عن اسباب نجاحهم ومشاريعهم، فهم ليسوا رجال أعمال في الأصل بل أصحاب حرفة، ومهنة، ومؤهل، بعضهم أعتمد عليه وبعضهم طور من هواياته. فكيف ابتكر ثروته تلك؟ هذا ما يجعل الناس تتساءل، كيف نجح واستمر في النجاح؟ فلا يتوقف الأمر على الاكتشاف الذي ابتكره، وإن كان يعتمد عليه.
الكثير من الشباب لا يملك خبرة في إدارة الأعمال ولم ينشأ في بيئة يتدرج فيها على الإدارة، ولكن يبدو إننا في هذا العصر كل الأشياء يمكن الاستثمار فيها، وتدريب العقل على ابتكار ما يكون صفقة أو تجارة مربحة، والاستثمار في الحضور والظهور.
لذا، الأجيال القادمة التي ولدت وتربت على الأدوات التقنية وتكنولوجيا المعلومات والذكاء الاصطناعي، لن تكون كما نحذر وننذر بأنها كسولة واعتمادية وتفتقر للابتكار، بل ستضاهي العقل الصناعي بالإبداع البشري والابتكار النوعي، سيكون لها محفز على الاستباقية والتفرد.
ومن خلال ما أراه، أجد أن الأجيال القادمة ستتحول من منافسة نفسها إلى منافسة الذكاء الاصطناعي الذي يتخوف منه صنّاعه والقائمون عليه، لأن الأنسان خُلق للإبداع والابتكار والتفرد، وهذه التنافسية ستقود العالم إلى التقدم السريع، وزيادة الثروات بل صناعتها.
hanamaki807@gmail.com