سوق العمل للربع الثاني من عام 2025م

أعلنت الهيئة العامة للإحصاء عن نتائج نشرة سوق العمل للربع الثاني من عام 2025م، والتي أظهرت استمرار الإيجابية في مؤشرات سوق العمل واستقرارها في المناطق الآمنة، وهذه النتائج لا تعكس فقط مرونة سوق العمل التي وصلنا لها، ولكن تثبت أن سوق العمل نجح في تأسيس قاعدة متينة لتحقيق مستهدفات رؤية المملكة المتعلقة في سوق العمل، وفي هذا المقال سأتطرق لأهم المؤشرات التي أتابعها بشكل مستمر.
يظل مؤشر معدل البطالة الإجمالي للسكان «الذي يشمل المواطنين والمقيمين» أهم مؤشر يعكس جاذبية سوق العمل وقدرته على استيعاب الكفاءات والقدرات البشرية، وهذا المؤشر يوضح أثر الإصلاحات التي تم تطبيقها في سوق العمل، والتي تٌشيد بها معاهد ومنظمات عالمية مختصة في الاقتصاد وأسواق العمل الدولية، وبناءاً على تقديرات النشرة للربع الثاني من عام 2025م، بلغ معدل البطالة الإجمالي 3.2% مسجلاً ارتفاعاً بمقدار 0.4 نقطة مئوية مقارنة بالربع السابق.
فيما يخص معدل البطالة للسعوديين فقد بلغ 6.8% في الربع الثاني من عام 2025م، وذلك بإرتفاع مقداره 0.5 نقطة مئوية مقارنة بالربع السابق، وأرى أن هذا الارتفاع غير مقلق ويظل ضمن النطاق الآمن، و للتنويه مؤشرات سوق العمل في الغالب تشهد تقلبات ربعية تتأثر بعدة عوامل، منها على سبيل المثال «فترة تخرج الطلاب والطالبات وانتقالهم من المراحل الدراسية إلى مرحلة البحث عن فرص العمل»، مما يؤثر ذلك على ارتفاع معدل البطالة قبل الاندماج الفعلي في سوق العمل، والمتابع لهذا المؤشر منذ إطلاق رؤية المملكة فسيتضح له أن هذا الارتفاع الطفيف يعتبر مجرد «نبضة مؤقتة» في مسار طويل يشهد تحسناً وانخفاضاً واضحاً حتى نصل للمستهدف في عام 2030م بإذن الله.
وفقاً لمعدلات البطالة للسعوديين بحسب المستوى التعليمي، دائماً ما نجد في نشرات سوق العمل الدورية أنها تتركز بين الذكور في فئة خريجي التعليم الثانوي، وبين الإناث تتركز بشكل لافت في فئة الحاصلات على درجة البكالوريوس أو ما يعادلها، وأرى أن هذا المشهد دليل على وجود فجوة بين مخرجات التعليم واحتياجات سوق العمل الحقيقية، ويشير أيضاً إلى وجود «فجوة بالمهارات» حيث لا تتوافق المهارات التي يمتلكها الخريجون مع الاحتياجات الفعلية في سوق العمل، وكنظرة عامة على هذا المشهد فبالتأكيد سنجد أن العائد على الاستثمار في التعليم الجامعي «منخفض جداً» والدليل على ذلك تمركز بطالة الإناث في حملة الشهادات الجامعية «البكالوريوس أو ما يعادلها»، ولذلك مازلت أقترح بأهمية وجود استراتيجية «إعادة توجيه للمتعطلين» خاصة في التخصصات التي تشبع منها سوق العمل أو قليلة الطلب في السوق، وهذا الدور يتطلب جهد ثنائي بين وزارتي التعليم والاقتصاد.
أما بالنسبة للمناطق الادارية، أظهرت مؤشرات النشرة بأن بطالة السعوديين في مناطق «نجران والرياض والشرقية» تعتبر من أقل معدلات البطالة بين المناطق الإدارية، حيث سجلت «نجران 3.9%، الرياض 4.7%، الشرقية 4.8%»، وأعلى معدلات البطالة للسعوديين تم تسجيلها في مناطق «تبوك وعسير وجازان»، حيث سجلت «تبوك 10.8%، عسير 9.8%، جازان 9.7%»، وهذه التباينات تعتبر محصلة لتفاوت الميزات التنافسية والاستثمارية بين مناطق المملكة، وقد ذكرت سابقاً في أكثر من مقال بأن «المناطق أدرى بتوطين وظائفها»، وآلية خلق فرص العمل تحتاج إلى سياسات مخصصة تراعي الخصوصية الاقتصادية والديموغرافية لكل منطقة، وهذي هي أهمية إعادة النظر في برامج التوطين المناطقي.
ختاماً؛ الطريق لتحقيق مستهدفات سوق العمل وفقاً لرؤية المملكة ما زال آمناً، ومتفائل بتحقيق جميع مستهدفات رؤية المملكة الخاصة بسوق العمل قبل موعدها المحدد -بإذن الله-.
مستشار موارد بشرية
khaled@econsult.com.sa

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *