أكون في غبراء الناس!

كان عمر بن الخطاب إذا أتى عليه أمداد – جماعات – أهل اليمن يسألهم أفيكم أويس بن عامر؟ حتى أتى على أويس فقال: أنت أويس بن عامر؟ قال: نعم قال: من مراد ثم من قرن؟ قال: نعم قال: فكان بك برص فبرأت منه إلا موضع درهم؟ قال: نعم قال: لك والدة؟ قال: نعم قال: سمعت رسول الله يقول: يأتي عليكم أويس بن عامر مع أمداد أهل اليمن كان به برص فبرأ منه إلا موضع درهم له والدة هو بها بر لو أقسم على الله لأبره؛ فإن استطعت أن يستغفر لك فافعل؛ فاستغفر لي فاستغفر له، فقال له عمر: أين تريد؟ قال: الكوفة قال: ألا أكتب لك إلى عاملها؟ قال: أكون في غبراء الناس أحب إليّ.
كثيرٌ من قصص الصحابة والتابعين نعيش معها بالفكر والروح ونتمنى أن عشنا في زمنهم.. هذا أويس بن عامر القرني مع أنه عاش في زمن النبي عليه الصلاة والسلام، لكنه لم يره، لذلك عد عند المؤرخين من التابعين، وقد بلغت به عبادته لله منزلة رفيعة جعلت النبي يوصي أصحابه إن إذا لقوا أويسًا أن يطلبوا منه الدعاء.
أعجبتني جملة.. «أكون في غبراء الناس أحب إليّ».. أي أكون غير معروف ومشهور بين الناس.
لا تحكم على الناس من خلال شهاداتهم أو من خلال أشكالهم أو عبر وضعهم الاجتماعي.. فالدنيا ليست ميزانًا في الحكم على الناس، فكم من مغمور في الأرض مشهور في السماء، وكم من معروف في الدنيا موضوع في الآخرة.
عامل النظافة الذي قد تزدريه قد يكون أفضل مني ومنك.. الثري الذي تحسده على ثروته قد تبغضه الأرض التي يمشي عليها.
«أكون في غبراء الناس» .. درس بليغ يفيد بأن البعد عن الأضواء أحيانًا يكون أقرب للسلامة من النفاق الاجتماعي، وأحفظ للمرء من المراءاة.
الشهرة وحدها لا ترفعك عند الله.. إنما ترفعك أعمالك الصالحة..
مقاييس البشر فيها إجحاف، فالمحسن قد يرمونه بالرياء.. والمجتهد يرشقونه بالشتم، والمرائي قد يرفعونه للسماء.
في الظل تختبئ الأرواح العظيمة التي لا يبهرها صخب الأضواء.
قفلة:قال أبو البندري -غفر الله له-:
الشهرة قد ترفعك للأعلى، لكنها قد تُسقطك أسرع إن لم تحسن التوازن.
alomary2008@gmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *