هناك جمهور من القراء بدأ يتنامى، وهم ما يطلق عليهم آنيا المثقفين الجدد. فلا غرابة! فأنا وأنت منهم! نحن في عصر ممارسة عادات جديدة، وهي متابعة منصات التواصل الاجتماعي بأنواعها. وما يطلق علينا نحن المستخدمون الرقميون، نتعرض يوميا إلى كم هائل من المحتوى المقروء، والمرئي، وبمضامين مختلفة، تنمو من خلالها ثقافة للمتلقين، وتعتبر هي ظاهرة، لها من السلبيات مثل مالها من الإيجابيات. هنا أتساءل! هل القراءة في مجتمعنا نشطت بسبب انتشار الإنترنت، في حين نشهد تراجع الإقبال عليها ورقيا؟ هل المعلومات المقرؤه من خلال الوسائل الرقمية تلقى التفاعل، والتأثير، وتفيد القارئ، ناقلة تجربة ثقافية كما هو الحال في القراءة الورقية؟ رغم كل ذلك هذه التساؤلات، فقد غير الإنترنت المعادلة كاملتا، من حيث الكم والمضمون وحجم المطالعة، وهذا يعطينا حقيقة لا جدال فيها، بأن هناك متابعة متزايدة مرغوبه نمارسها جميعا لتلك لمنصات.
هناك بحث لفت نظري، لجامعة فالنسيا، الإسبانية (2023)، استعرض فيه أكثر من (20) بحثا سابقاً، وأجريت الدراسة على (450 ألفاً) مشارك، وجدت تلك أن قراءة النصوص المطبوعة ورقيا، ترتبط بفهم أعلى بكثير، بينما القراءة الرقمية أظهرت علاقة ضعيفة جدا خاصة في القراءة الترفيهية. ومن جهة أخرى، توصلت دراسة منشورة في صحيفة الجارديان، نفذت بحثيا في جامعة كولومبيا بالولايات المتحدة الأمريكية، على أطفال من (10-12) سنة. أثبتت أن القراءة التقليدية تدعم القراءة العميقة أكثر من القراءة الرقمية على الشاشات، وقياس تلك الاستجابة تم عبر تقنيات عصبية. وأشارت الدراسة كذلك بأن التعامل الورقي من خلال التلامس بالأيدي يعزز التنظيم الذهني وموقع النص المقروء، بينما النظر في الشاشات يشجع الفرد على التصفح السريع السطحي.
برغم من ذلك لا بد من مواكبة التغييرات الرقمية الذي هي أصبحت حقيقة واقعة متسارعة، وأن تطوير المحتوى والكتابة والتأليف يجب أن ينشط رقميا على منصات التواصل الاجتماعي، والعمل على ازدياد نمط إصدار الكتب والمؤلفات الرقمية ودعمها بفيديوهات قصيرة جدا، مع إتاحة التعليقات على المنصات كي تجذب القارئ، وهو السائد المرغوب في وقتنا الحاضر. ذلك يسهم في تعزيز التنافس مع الآخرين ممن يصنعون محتوى غير إيجابي، لصالح بناء محتوى إيجابي مقروء، فعال، غير تقليدي، معتمدا على محتويات هادفة.
خلاصة القول، القراءة الرقمية أعطت نتاجا ثقافيا ومعرفيا، له جمهوره ومتابعوه.