Alaa.a.binnafea@gmail.com
تشهد السوق المالية السعودية محطة جديدة ومنعطف استراتيجي مختلف مع إعلان الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري إطلاق أول إصدار من الأوراق المالية المدعومة بالتمويلات العقارية السكنية، حيث تعد المرة الأولى التي يشهد فيها السوق المحلي تجربة التوريق، لتفتح الباب أمام مرحلة جديدة في أدوات الدين والتمويل.
لايمكن فصل هذه الخطوة عن رؤية المملكة 2030، التي وضعت ضمن أهدافها تعميق السوق المالية ومواءمتها مع التجارب العالمية، إلى جانب استحداث قنوات وفرص استثمارية أوسع.
حيث تمتلك المملكة اليوم بنية تحتية وتشريعية قوية تجعلها قادرة على تبني مثل هذه الأدوات بثقة.
منذ تأسيسها، أخذت الشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري على عاتقها مهمة دعم القطاع المصرفي، عبر شراء المحافظ العقارية من البنوك.
هذا الدور منح البنوك سيولة إضافية وخفف عنها عبء المخاطر المرتبطة بالقروض العقارية، وهي عادة الأكثر تعقيدا في محافظها.
النتيجة غير المباشرة كانت مساهمة واضحة في تحقيق هدف رفع نسبة تملك الأسر السعودية للمساكن إلى 70%، وهو أحد أهم مستهدفات قطاع الإسكان. أوضح الرئيس التنفيذي للشركة السعودية لإعادة التمويل العقاري مجيد العبد الجبار أن هذا الإصدار التاريخي هو الأول من نوعه في المملكة، ويُعد خطوة نوعية ستتبعها مراحل وإصدارات أخرى.
وقد بيّن العبد الجبار أن هذا الإصدار يشكّل بداية نوعية لمسيرة واعدة، إذ يمهّد الطريق لإطلاق المزيد من المنتجات المستقبلية التي تعزز من حضور سوق التوريق بالمملكة وتسهم في تعميق أسواق المال بما يتسق مع مستهدفات برنامج تطوير القطاع المالي.
التساؤل المنطقي لماذا العقار بالذات؟ باعتقادي أن اختيار العقار كنقطة انطلاق للتوريق ليس صدفة، فالقطاع العقاري يتمتع بوزن ثقيل في الاقتصاد الوطني، وحجم الطلب فيه يتنامى سواء من العائلات السعودية أو من غير المواطنين، كما أن السنوات العشر الماضية شهدت تحولات واضحة، تتجسد في برامج دعم سكني مكنت شرائح واسعة من التملك، وتوجه الأسر إلى مساكن أصغر وأكثر استقلالية، بالإضافة إلى انتقال مشاريع اقتصادية كبرى وشركات أجنبية إلى المملكة، ما عزز الطلب على الوحدات السكنية، هذه العوامل مجتمعة جعلت من العقار الخيار الطبيعي لبدء التوريق وفتح نافذة جديدة للاستثمار.
إن نجاح المملكة في تطبيق التوريق وفق المعايير العالمية سيشكل عاملا إضافيا لجذب المستثمر الأجنبي، وتعزيز ثقته في السوق السعودي.
وجود بيئة تشريعية سليمة وأدوات مالية متطورة يخدم السوق المحلي، يضع المملكة في موقع متقدم بين الأسواق الإقليمية والدولية، وهو موقع يتناسب مع المكانة التي تحظى بها.