تترقب الأسواق العالمية إعلان البنك المركزي الأمريكي المرتقب غدًا الأربعاء بشأن أسعار الفائدة، بينما يقع على عاتق صناع السياسة النقدية مهمة شاقة تتمثل في طمأنة الأسواق والمستهلكين، دون إثارة الذعر أو المساس بمصداقيتها كأكبر مؤسسة مالية في العالم.
الإجماع السائد في “وول ستريت” هو خفض سعر الفائدة بمقدار ربع نقطة مئوية (25 نقطة أساس)، لكن التأثير الحقيقي قد لا يكمن في عدد نقاط الأساس، بل في الكلمات التي سيستعملها رئيس بنك الاحتياطي الفيدرالي، جيروم باول، لرسم المسار المستقبلي للسياسة النقدية.
لا يزال التضخم الأمريكي ثابتًا عند 2.9%، كما أن مؤشرات النمو آخذة في التراجع، فيما تشير عوائد السندات وفروقات الائتمان إلى أن المستثمرين مستعدون لتيسير طفيف على الأقل، ولكن ليس لتغيير جذري في السياسة النقدية.
الفيدرالي يحول تركيزه
يقول روبرت جونسون، أستاذ المالية في “كلية هايدر للأعمال” بجامعة كريتون: “اتسمت سياسة الاحتياطي الفيدرالي بالحذر الشديد خلال السنوات القليلة الماضية، سواءً في رفع أسعار الفائدة أو خفضها، وأعتقد أن هذه الفلسفة ستستمر”.
وأضاف: “سينتقل الاحتياطي الفيدرالي من التركيز على كبح التضخم إلى التركيز على تشجيع النمو الاقتصادي، وإنعاش سوق التوظيف، وقد عجّلت البيانات الضعيفة الأخيرة بهذا التغيير في تركيزه”.
محللون يحذرون من العجز المالي
يحذر المحللون من أن خفض أسعار الفائدة لا يمكن أن يمحو العجز المالي، أو عدم التوافق بين العرض والطلب في سوق سندات الخزانة، أو علاوات الأجل (التعويض الذي يحتاجه المستثمرون لتحمل مخاطر تغير أسعار الفائدة على مدى عمر السند) التي تستمر في دفع العائدات الطويلة الأجل إلى الارتفاع.
ويقول تشارلز أوركهارت، الاستاذ المساعد في مجال التنمية المالية إن “خفضًا طفيفًا في أسعار الفائدة من شأنه أن يُخفف بعض العبء، لا سيما بالنسبة للقطاعات الحساسة لأسعار الفائدة مثل قطاع الإسكان. لكن من المرجح أن تظل العائدات طويلة الأجل مرتفعة حتى تظهر علامات ضعف أوضح في النمو”.
لا تحولات دراماتيكية متوقعة
يرى المحللون أن الاقتصاد الأوسع لن يشهد تحولات جذرية من خطوة واحدة. فمع استمرار ارتفاع أسعار الفائدة طويلة الأجل، لا تزال أسواق رأس المال تعاني من ضعف. وقد تؤدي الرسوم الجمركية أو غيرها من الإجراءات السياسية بسهولة إلى إعادة فرض ضغوط تضخمية، مما يضطر الاحتياطي الفيدرالي إلى توخي الحذر عند اللجوء مجددًا لخفض الفائدة.
وحذّر أوركهارت قائلاً: “لا يزال التضخم ثابتًا في قطاع الخدمات، وقد تُجدّد الرسوم الجمركية الضغط على السلع. وهذا يجعل التخفيض الحاد مغريًا سياسيًا، ولكنه محفوف بالمخاطر اقتصاديًا”.
ماذا سيحدث في المستقبل؟
في نهاية المطاف، من المرجح أن يكون قرارات الفائدة هذا الأسبوع بمثابة مؤشر على كيفية تفسير الاحتياطي الفيدرالي للتوازن بين تباطؤ النمو واستمرار ارتفاع التضخم.
ومن شأن خفض حذر بمقدار 25 نقطة أساس أن يطمئن الأسواق دون إلزام البنك المركزي بدورة تيسير نقدي كاملة. وأي خفض أكبر من ذلك قد يثير تساؤلات حول ما إذا كان الاحتياطي الفيدرالي يرى مخاطر لا يراها المستثمرون.