al.shehri.k@hotmail.com
ما الفرق بين الماضي والحاضر في منافذ التربية غير المباشرة؟ سابقاً كان الفاصل مجرد باب! يُغلق الوالدان على أبنائهم باب المنزل، فلا يخرجون إلا بإشراف، وإن خرجوا فأقرب منفذ كان المدرسة، كرحلة قصيرة خارج “كهف” الأسرة؛ أما اليوم فقد تضاعفت المسؤولية، لأن المنافذ لم تعد خلف الباب، بل دخلت إلى قلب المنزل؛ كالتطبيقات، الألعاب المتصلة بالإنترنت وحتى الشاشات الصغيرة التي ترافق الطفل في كل مكان؛ وهنا تكمل المعضلة؛ لا يمكن عزلهم عنها تماماً، لأنه جيلهم، وعصرهم، ومع ذلك لا يمكن تركهم بلا رقابة، لما تحمله من مخاطر خفية.
أسهل ما يحدث لإلهاء طفل، هو تركه مع هاتفه، أو تشغيل جهاز ألعاب الإنترنت له، والابتعاد عنه، لإكمال عملٍ أو اقتناصٍ وقت للراحة؛ والاعتقاد الدارج أنه في مأمن طالما هو داخل أسوار المنزل، ولكن هذه الأسوار لم تعد أسوار عازلة، بل يتخللها منافذ قد لا يدرك بعضهم خطورتها؛ فالأهم لديه هو أن يرتاح من ازعاج أطفاله له!
مؤخراً صدر قرار بحظر المكالمات الصوتية والدردشة النصية في لعبة انتشرت بين الأطفال، وهي “روبليكس” اللعبة التي وجد لها مقاطع تخدش الطفولة وتضعها في خطر!
أحياناً، يكون القرار الأكثر قوة، هو الذي يحمل في داخله اهتماماً والتزاماً لتأمين من هم تحت رعايتك؛ فقرار أن تُسكت الأصوات لا لأنك تكره التواصل، بل لأنك تريد حماية من لم يعرف بعد خطورة الكلمات؛ وهذا حرفياً ما حدث مع لعبة “روبليكس”، اللعبة تأخذ من وقت الطفل، رغم عدم أمانها.
وبقرار الأبوة الصحيح، قررت السعودية إيقاف الدردشة الصوتية والنصية داخلها، وهي خطوة قد يراها البعض قيداً، لكنها في جوهرها أبوة والتزام نحو الطفولة، لتحصينها من قسوة العالم الرقمي الذي يختبئ خلفه غرباء قد يتركون أثراً لا يُمحى.
القرار المنتظر ليس عن اللعبة فقط، بل عن تربية وثقافة؛ عن أن ننتبه لأطفالنا الذين يعيشون حاضراً موازِ لحياتنا عبر الشاشات؛ نعم نريد لهم عالم فيه حرية اللعب، شريطةً أن يكون بلا خوف عليهم من كلمة جارحة أو تواصل مسموم.
اخيراً، الصمت الذي فُرِض على اللعبة، يعلّمنا نحن الكبار درساً آخر، وهو أن نقول “لا” في الوقت المناسب، يعني “نعم” لحماية من مهم تحت مسؤوليتنا.