تجويد المخرجات عبر صناعة الأثر

بالأمس القريب وضمن جدول زيارة وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية ورئيس مجلس إدارة المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي المهندس أحمد الراجحي لمنطقة عسير، ولقائه بالعاملين بالقطاع بالمنطقة واستعراضه للنقلة النوعية التي يشهدها القطاع في منظومته التشريعية والتنظيمية، وتعددية ممكنات النجاح لاستكمال رحلة البناء والنماء بالتكامل مع القطاع العام والخاص بالدولة، وإيمان القيادة -أيدها الله تعالى- بأهمية ذلك وضرورته، ورغبة في تعزيز ودعم هذه الرحلة التطويرية من خلال مناقشة عدد من الجوانب الجديرة بالاهتمام والعناية ومن أهمها دعم الشراكات مع الكيانات الدولية غير الربحية النوعية المتخصصة للتبادل المعرفي ونقل التجارب، ورفع كفاءات العاملين بالمجالس التخصصية لنشر ثقافة الابتكار والإبداع ، وتعزيز احترافية العمليات التشغيلية وكفاءتها، وإبراز الجوانب المضيئة للقطاع غير الربحي بالمملكة، ولتحقيق ذلك يمكن تبني تأسيس وحدة متخصصة ومعينة بذلك في المركز الوطني للقطاع غير الربحي؛ لاسيما وأن في ظل استضافة المملكة لعدد من المناسبات الإقليمية والعالمية والتي تتطلب مشاركة كيانات القطاع بصورة مبتكرة ونوعية.
وبجانب ذلك تبرز الحاجة الماسة إلى تجويد المخرجات عبر صناعة الأثر وتعظيمه واستدامته وإعادة تصور العلاقة بشكل أساسي بين جهات التمويل والجهات المتلقية للتبرعات من علاقة الشك والإدارة التفصيلية إلى علاقة الثقة والمنح. وسيتطلب هذا حدوث التغيير من جميع الجوانب، وستحتاج الجهات المانحة إلى تحديد أهداف واضحة، ثم التخلي عن بعض التحكم واختيار الفرق والمؤسسات لتمكينهم باعتبارهم شركاء فعليين.
وستحتاج المنظمات غير الربحية والمؤسسات الاجتماعية إلى قبول المزيد من المخاطر، وأن تصبح مسؤولة عن النتائج، وتطور المهارات والآراء اللازمة لتسريع التعلم بدلاً من تنفيذ الخطة.
ويمكن لذلك أن يتحقق من خلال العمل على تقليص الفجوة بين القطاع الخاص والقطاع غير الربحي بتحفيز القطاع الخاص ورفع معدل مساهمته عبر نافذة المسؤولية المجتمعية للقطاع الخاص سواء في الإنشاءات والمباني، أو دعم البنية الرقمية، أو التدريب والتأهيل، وتبني مبادرة سعودة القطاع غير الربحي سواءً من خلال دعم المرتبات الشهرية، والأجور التأهيلية، وعمليات نقل المعرفة والتجربة للعاملين بالقطاعين الخاص وغير الربحي وخصوصاً فيما يتعلق بالاستثمار وأدواته وصناعة فرصه، وبناء العلامات التجارية والسمعة المؤسسية وغيرها. والذي يتصل بذلك ضرورة رفع الكفاءة البشرية للعاملين بالقطاع غير الربحي من خلال العناية بجودة البرامج التدريبية والتأهيلية والمعتمدة في قطاع المهارات الناعمة والعلمية والبحثية والتقنية، ودعم المسارات الاحترافية المهنية بالتعاون مع صندوق تنمية الموارد البشرية «هدف»، والتعاون مع المنظمات الإقليمية والعالمية المتخصصة في ذلك والذي سينعكس بلا شك على حوكمة العمل وتشغيل الخدمات وجودة المنتجات، وابتكار الوسائل والأدوات التمويلية المعززة لكفاءة القطاع في الإسهام بالموازنة العامة للدولة.
ومن الجوانب المهمة كذلك ضرورة تنظيم عمل الأخوة الوافدين بكيانات القطاع غير الربحي لحساسية العمل والآثار السلبية المترتبة على الاجتهادات غير منضبطة -لا قدر الله- حال استقطابهم على الأمن الوطني الشامل للدولة.
وأخيراً وفي ظل جهود المركز الوطني لتنمية القطاع غير الربحي الحثيثة في رقمنة الخدمات وتسهيل رحلة المستفيد عبر منصة نوى الرقمية بخدماتها المتنوعة؛ إلا أن المستفيد يعيش حالة من التيهان بين منصات المركز وصندوق المؤسسات المانحة وصندوق دعم الجمعيات مما قد يسهم في تعزيز البيروقراطية ولكن بصورة رقمية، إلا إنه من المهم دمج منصات المنح التابعة لصندوق دعم الجمعيات والمؤسسات الأهلية المانحة ضمن منصة نوى، وتنظيم مذكرات التفاهم والتعاون من خلال أنموذج محوكم عبر المنصة، لتصبح منصة نوى منصة اليكترونية خدمة وتجمع الشركاء الرئيسيين الأربعة في القطاع شراكة التشريعي والتنفيذي والتمويلي والرقابي، والاستفادة من تجربة توكلنا وأبشر في هذا الجانب، وبهذا نعزز جمعياً مشاركة القطاع غير الربحي في رحلة المملكة التنموية، ونصنع قصصاً للنجاح تُروى في المحافل والمؤتمرات والملتقيات الإقليمية والعالمية والله من وراء القصد.
malwadai@kku.edu.sa

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *