مرت جهود المملكة العربية السعودية في سبيل محو الأمية وتعليم الكبار بالعديد من المراحل، بدايتها الجهود الفردية لنفر من المعلمين في القرى والمدن من خلال تخصيص حلقات في المساجد أو حجرة أو بيت المعلم يدرس فيه مجموعة من الصغار والكبار لتعليم أساسيات القراءة والكتابة، لتتطور مع الوقت، وتأخذ طابعًا أكثر تنظيمًا.
وأمر الملك عبدالعزيز بتأسيس مديرية المعارف العامة، فأُنشئت في غرة رمضان 1344هـ، الموافق 15 مارس 1926م، للاضطلاع بمسؤولية قيادة النهضة التربوية في البلاد عن طريق فتح المدارس ووضع برامج التعليم لجميع المراحل التعليمية.
ومن تلك الجهود مدرسة النجاح الليلية في مكة المكرمة التي تأسست عام 1350هـ، لإتاحة الفرصة لمن حُرموا التعليم النهاري لظروف خاصة بهم، وكانت تسير وفق منهج المدرسة الابتدائية الحكومية.
مدارس التشجيع الليلية
وكانت هناك مدارس التشجيع الليلية في مكة المكرمة عام 1358هـ، والتي أوجدت بناء على طلب الأهالي لمديرية المعارف، لتكوين لجنة لتشجيع المدارس الليلية ولمساعدتها ماليًا وإداريًا، ومدارس الشيخ عبدالله القرعاوي في جنوب غرب المملكة.
وشاركت المدارس الأهلية بجهود في هذا المجال ومنها : الصولتية (1291هـ)، الفلاح (جدة 1323هـ، مكة 1330هـ) الفخرية العثمانية، دار الحديث (1353هـ)، مدرسة العلوم الدينية (1353هـ)، وقد مدت الدولة العون لتلك المدارس.
كان من ضمن أولويات مديرية المعارف العامة الاهتمام بتعليم الكبار في المملكة العربية، فافتتحت القسم الليلي في المعهد العلمي السعودي في مكة المكرمة، ويمكن اعتبارها أولى الجهود لتعليم الكبار ومحو الأمية، لكنها أغلقته لمدة 3 أشهر، لقلة الإقبال عليه.
ثم واصلت المديرية جهودها فافتُتحت عام 1351هـ/1932م عددًا من المدارس الليلية المختصة بتعليم الكبار في مكة المكرمة، ودرس فيها عدد من خريجي المعهد العلمي السعودي.
مدارس ذات مناهج متنوعة
وبعد ذلك افتُتحت مدارس ليلية ذات مناهج متنوعة، مثل: المدرسة الليلية لتعليم اللغة الإنجليزية افتُتحت عام 1356هـ/1937م، والمدرسة الليلية لتحسين الخطوط والآلة الكاتبة، افتُتحت عام 1368هـ/1949م، ومدرسة المعلمين الليلية افتُتحت عام 1369هـ/1950م، وكانت تصرف لكل طالب 60 ريالًا.
وبعد إقبال المواطنين على المدارس الليلية من مختلف مناطق السعودية، افتتحت مديرية المعارف العامة مدارس ليلية في جدة، والمدينة المنورة، ومكة المكرمة، والطائف، والأحساء.
وكانت هذه المدارس تابعة للمدارس الابتدائية، ويطبق عليها نظام المرحلة الابتدائية حتى عام 1372هـ/1953م حين وضعت المديرية مناهج وأنظمة تناسب متطلبات الدارسين وظروفهم.
وفي عام 1358هـ/1939م أصدر مجلس المعارف نظامًا يُعنى بتشكيل لجنة لتشجيع المدارس الليلية.
مساعدات مالية وفنية
وبعد ذلك تتابعت المساعدات المالية والفنية لجميع المدارس الأهلية المعنية بتعليم الكبار، منها: مدارس عبدالله القرعاوي في جنوب غربي السعودية، ومدرسة النجاح الأهلية.
وأسهم دعم الدولة إلى جانب دعم الأهالي، في انتشار الجهود التطوعية لتعليم الكبار في مختلف مناطق السعودية آنذاك، ما ساعد على استحداث البرامج والتشريعات المختصة بتعليم الكبار ومحو الأمية.
كما لم يقتصر دعم الملك عبدالعزيز على تعليم الكبار ومحو الأمية في المدن فحسب، بل شمل إرسال العلماء إلى شيوخ القبائل، لتعليمهم أمور دينهم إضافة إلى مبادئ القراءة والكتابة.
أنشأت وزارة المعارف إدارة خاصة بتعليم الكبار ومحو الأمية عام 1374هـ، أُطلق عليها إدارة الثقافة الشعبية، ربطت بإدارة التعليم الابتدائي، وبلغ عدد مدارس محو الأمية وتعليم الكبار 13 مدرسة عام 1375هـ، وفي عام 1378هـ انفصلت وأصبحت إدارة مستقلة بذاتها، عُرفت باسم إدارة الثقافة الشعبية.
نظام تعليم الكبار ومحو الأمية
في 1/1/1392هـ، الموافق 16/2/1972م، صدرت الموافقة الكريمة على نظام تعليم الكبار ومحو الأمية في المملكة العربية السعودية، وعدل اسم الإدارة عام 1397هـ إلى الإدارة العامة لتعليم الكبار ومحو الأمية، ليتناسب مع طبيعة عملها وأنشطتها.
وفي عام 1405هـ أصبح اسمها الأمانة العامة لتعليم الكبار ومحو الأمية، وبلغ عدد مدارس محو الأمية وتعليم الكبار 88 مدرسة عام 80/1380هـ
وافتُتحت رئاسة تعليم البنات عام 92/1393هـ، 5 مدارس لمحو امية الكبيرات من النساء، وتزايد العدد إلى أن بلغ 1933 مدرسة عام 1418هـ.
13 مدرسة لتعليم الكبار
كما اهتم الحرس الوطني بتعليم الكبار منذ عام 1384هـ عندما افتتح المدارس العسكرية والفنية، وتأسست إدارة الثقافة الشعبية والتعليم عام 1395هـ، وافتتح في العام نفسه 13 مدرسة لتعليم الكبار
ووجد تعليم الكبار ومحو الأمية بجميع أشكالها القرائية والكتابية والثقافية والحضارية، اهتمامًا كبيرًا لدى مسؤولي التعليم، فحققت قفزات في هذا المجال، إذ نجحت في خفض نسبة الأمية بشكل ملحوظ منذ انطلقت مسيرة تعليم الكبار عام 1374هـ.
وتوالت بعدها الجهود من خلال إقرار مشروع نظام محو الأمية عام 1392هـ، إلى أن استُحدثت الإدارة العامة لتعليم الكبار عام 1437هـ.
كما صدر أمر ملكي من الملك فيصل بن عبدالعزيز برقم م/22 وتاريخ 9/6/1392هـ، وقرار مجلس الوزراء رقم 523 بتاريخ 1/6/1392هـ بالموافقة على نِظام تعليم الكِبار ومحو الأمية في المملكة العربية السعودية.
وتوسعت المملكة في افتتاح مدارس تعليم الكبار في المدن والقرى والهجر، وأبدت اهتمامًا بالغًا في مواجهة مشكلة الأمية.
ومع انطلاقة مسيرة تعليم الكبار بشكلها النظامي منذ عام 1374هـ، كانت نسبة الأمية تبلغ فيه 60%، توالت بعدها الجهود وتسارعت وتيرة تعليم الكبار في المملكة بإقرار مشروع نظام تعليم الكبار ومحو الأمية عام 1392هـ إلى أن أصبحت الإدارة العامة لتعليم الكبار عام 1437هـ.
من برامج محو الأمية
التعليم المستمر: هو توفير فرص التعليم النظامي وغير النظامي للمتعلمين الكبار بهدف تطوير مهاراتهم القرائية والرقمية والمهنية وغيرها، وعملت وزارة التعليم في وقت مبكر خارطة طريق واضحة لمكافحة الأمية الهجائية في مختلف مناطق ومحافظات المملكة، وأسهمت تلك الخطط في الحد من الأمية وخفض نسبتها إلى 3.7%.
مجتمع بلا أمية: هو برنامج تعليمي لمحو الأمية الأبجدية، يصل إلى الأمي في مكان وجودة في جميع مناطق ومدن ومحافظات المملكة، وتتسم الخدمة بالمرونة والجاذبية مع توفير الحوافز المادية لزيادة الدافعية نحو الالتحاق بالبرنامج.
ويستفيد من هذه الخدمة المتقدمين الأُميين في مقر وجودهم بجميع مناطق ومدن ومحافظات المملكة، وتعمل الإدارة العامة للتعليم المستمر بنشر رابط الخدمة مع بداية كل عام دراسي جديد.