قبل سنوات طويلة ونحن نغادر الأيام الأخيرة من المرحلة الثانوية كنا مجموعة أصدقاء تفرقت بنا السبل.
في البداية انقسمنا إلى مجموعتين رئيستين مجموعة جدة ومجموعة الرياض بحكم جذب جامعتي الملك عبد العزيز في جدة لعدد لابأس به من خريجي الثانية ، طبعاً أقصد ثانوية نجران الأشهر في المنطقة الجنوبية في حدود العام ١٩٨٣م وبنفس القدر تقريبا وربما أكثر بقليل استقطبت جامعة الملك سعود بمدينة الرياض إضافة إلى الكليات العسكرية التي التحق بها عدد غير كبير، المهم بقي جانحي السنة الثالثة دفعة العام ١٩٨٣ م على تواصل، بمعنى كنا نسأل عن بعض ونتتبع أخبار ونجاحات بعض، وكنا نلتقي أحياناًِ بتخطيط ، وأحيان أخرى بدون تخطيط ، وكانت اللقاءات مميزة وكان الوقت يمضي سريعا، كثيراً ما خططنا للقاءات جديدة ومع أعداد أكبر من الزملاء وكانت غاية في المتعة والصفاء.
بعد سنوات ليست طويلة انتهت المرحلة الجامعية وتعين عدد كبير منا، سواء ممن كانوا في جدة، أو في الرياض تعينوا في قطاع التدريس وكانت هذه فرصة اجتماع جديدة وحبل تواصل نقول كثيرا أنه لم ينقطع، بمعنى أن ما مررنا به لم يك سوى محطات ثانوية، وجامعة، مرحلة عمل وهذا كان إحساس جميل أن بقيت قلوب وأذهان صافية وسعيدة باللقاء والتقارب، ولكن الحياة لا تمنح الناس مايردون من سعادة وهناء وذكريات حميلة حيث أنه بين حين وآخر كانت تصلنا معلومات صادمة وفاجعة مفادها مغادرة أحد الأخوة والأصدقاء والزملاء في مراحل الدراسة والعمل، وربما ماقبلها ومابعدها.
المغادرة بمعنى الموت والموت يخفي وراءة قصة وقصص أسوأها الموت المفاجئ، والمباغت، أو الموت الذي سبقه فترة مرض، وعجز، وتأخر في الصحة، في الحقيقة لم تعد الحياة في المراحل الأخيرة تجمعنا كما كنا زملاء وأصدقاء في الأيام الخوالي لذا تباعدت الخطى، وقل السؤال، وغابت الأخبار، لدرجة أن تركت مسافة بيننا ملأ تلك المسافة الفجيعة والصدمة عندما يصلنا، خبر وفاة زميل وانتقاله إلى الدار الآخرة.
قد نكون أصبحنا أكثر وعي بالتعاطي مع مفهوم الموت ولكن بقينا فتياً في تلقي الصدمة والشعور بالفراق.
قبل أشهر جمعتني الصدفة بشخص من أحد العوائل التي كان لي منها زميل، وأخبرني بطريقة غير مباشرة أن زملي ذاك كان يعاني من حالة صحية صعبة أضمرت في نفسي أن أزوره أو أتصل به في أقل تقدير وللأسف لم أفعل حتى أخبروني مؤخراً بأنه مات. رحمه الله.
salem.asker@gmail.com