أهمية الأسبوع التمهيدي لطفل الروضة

مع انطلاقة العام الدراسي الجديد استعدت معلمات رياض الأطفال لاستقبال وفدٍ جديد من الصغار، وتنطوي هذه المرحلة من العام على مشاعر متباينة: دموع لدى الطفل، وتحضيرات لدى المعلمة، هدفها تهيئة مناخٍ وبيئةٍ محفزة وقادرة على استرعاء اهتمام الطفل، للولوج فيها بعيدًا عن العالم الخارجي الذي لطالما ألِفَه.
فالروضة تُعدّ أول بيئة ينفصل فيها الطفل عن أُمه، ويتحوّل من كونه كيانًا متصلًا بغيره، إلى كيانٍ مستقل يُعبّر عن ذاته دون مساعدة أو إشارة من أحد، وهنا تبرز حاجته المُلِّحّة للشعور بالأمان والانتماء لهذه البيئة الجديدة كليًا عليه؛ حتى يتمكن من التعبير عن نفسه بحرية، وقد واتتني فكرة هذا المقال بعد مشاهدة حماس المعلمات ومنشوراتهن حول الموضوع، فسأتناول الأمر من وجهة نظري كمتخصصة في رياض الأطفال.
نسعى خلال هذا الأسبوع لتطوير جوانب نمو الطفل: كالجانب الانفعالي والاجتماعي، والحركي والحسي؛ حيث يبدأ الطفل في الانتقال من اللعب الفردي الذي يتمحور حول ذاته، إلى اللعب التشاركي.
ويتعرف الطفل على مرافق الروضة ومراكز التعلم في الصف، ويتعلم قوانين المكان، بأسلوبٍ قصصي مُحبب وقريب من قلبه، كما ينتقل فيه الطفل إلى عالمٍ أوسع ويكوّن صداقات يختارها بنفسه للمرة الأولى.
وهناك عدة أنشطة في هذه المرحلة، ويتم التركيز على الأنشطة الجماعية التي تتطلب التعاون: كالتلوين الجماعي، والألعاب الحركية، والأناشيد التفاعلية، فتساعد هذه الأنشطة على تقليص الفجوة بين الأطفال واندماجهم سويًا؛ ولا نغفل أهمية أنشطة ما قبل الكتابة فهي تساهم في تهيئة العضلات الدقيقة لدى الطفل وتقويتها، لمساعدته على الإمساك بالقلم والتمكن من الكتابة فيما بعد.
وبالطبع نسعى إلى تحبيب الطفل بمعلمته وتعدّ هذه الخطوة شديدة الأهمية؛ إذ إن رفض الطفل لمعلمته يُعرقل عملية التعلم، ويمنعه من تحقيق الأهداف التربوية، بينما يعد حبه لها مفتاحاً يساهم في نجاحه، وتحقق الأهداف المنشودة، وكما يقول سقراط: «كيف أعلمُه وهو لا يحبني؟»
فالمعلمة تلعب دورًا محوريًا، وحب الطفل لها سيدفعه لحب المكان الذي هو قادم له، والذهاب له برغبة واشتياق، دون عناء إقناعه أو مساومته.
كلما تمكنت الأمهات من الانفصال عن أطفالهن بسرعة، انطلق الطفل بشجاعة وثقة؛ لاكتشاف المكان وتثبيت أقدامه فيه، ففي الحقيقة لا يقوم الأسبوع التمهيدي على المعلمة فحسب لكنه جهدٌ مشترك بين المعلمة والأم، وهنا تنبثق أهمية الشراكة الأسرية.
فحين تكون الوالدة شديدة القلق على صغيرها، سيصعب عليه تركها والسماح لها بالرحيل دونه، فالطفل في الواقع يجتذب الخوف في المواقف الجديدة، من خلال ردود فعل الكبار الذين يثق بهم، فحين يرى الذعر والقلق في عيونهم، سيتبنى هذا الشعور ورد الفعل بشكلٍ تلقائي لحماية نفسه، لكنه حين يرى رد فعل إيجابي ومشجع، سيُسرّع ذلك من قبوله للتجربة.
وأوصي المعلمة بالنزول لمستوى الطفل وإعطائه فرصة للتعبير عن ذاته، فالطفل لا يحتاج سوى أن يكون مرئي ومحبوب وآمن وليس الغرض هو الإفراط في التحضير، ولكن أن يصل كل ذلك لقلبه، فسيُأسر قلب الطفل كلما شعر بقربك منه وبمكانته المميزة لديك، وتذكري أن النية الطيبة هي أساس كل نجاح، فهي ليست مجرد أيام تمرّ وتنقضي، بل هي حجر الأساس لعملية التعلم.
welayahalsadiq@gmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *