العطاء بشكل عام عملية إنسانية خالصة، كما أن الدين يحث على العطاء ويمقت البخل بين الناس. وليس العطاء مرتبطًا فقط بالمال، إنما العطاءات متعددة؛ بعضها بالمال، وأخرى بالنصيحة، وغيرها بالعطاء العلمي، وأثمنها وأفضلها العطاء الجسدي مثل التبرع ببعض الأعضاء كالتبرع بالكلى أو بالخلايا الجذعية أو التبرع بالدم، التي تحيا بها حياة الآخرين.
إن العطاء قيمة عالية، خصوصًا إذا كان ذلك العطاء من الأمور المحببة لدى العاطي، حيث إن قيمة الإنسان بما يعطي لا بما يأخذ.
تأتي مبادرة سمو ولي العهد «حفظه الله»، بالحملة السنوية للتبرع بالدم للحث على العطاء الإنساني، حيث إن هناك الكثير من المستفيدين من هذا الدم موجودون على أسِرّة المستشفيات، إذ إن هذه الدماء تنقذهم وتعيد لهم الحياة، ومصداقًا لقول الله سبحانه وتعالى: “من أحياها فكأنما أحيا الناس جميعًا”.
الأمر الآخر، عندما تختلط الدماء التي لا تُعرف من أين جاءت، ولا يُعرف من هو المتبرع، وما هي منطقته، وما هو مذهبه، إنما جاء ذلك الدم من إنسان إلى إنسان آخر يحتاج دمه ليعيش حياة طيبة.
ومن تبرع بدمه لن يكون ذلك إلا سعادة في الحياة والآخرة، وإن المتبرع بدمه لإخوانه من الناس يستفيد من التبرع، إذ إن الدم في داخله يتجدد وتزداد حيويته، وجزاه الله خير الجزاء في الآخرة.
إن العطاء يعود على العاطي بالسعادة لأنفاسه، مما يحب، في سبيل إخوانه وإسعادهم.
وقد شهدت المملكة خلال السنوات الأخيرة نموًا ملحوظًا في التبرع بالدم. ففي عام 2023، بلغ عدد متبرعي الدم في السعودية أكثر من 700 ألف متبرع، وفق ما أعلنت وزارة الصحة، بينما في عام 2024 تجاوز العدد 800 ألف متبرع، بزيادة نحو 100 ألف مقارنة بالعام السابق، وأصبحت المملكة ضمن الدول الأكثر إقبالًا على التبرع بنسبة 58% من السكان، بحسب وكالة الأنباء السعودية.
لذلك، يُرجى التفاعل مع الحملة من قِبَل جميع الناس، مواطنين ومقيمين، خصوصًا أن التبرع بالدم له فوائد صحية على المتبرع والمتبرع إليه، ولا أحد في مأمن من حدوث طارئ – لا قدّر الله – قد يستدعي حاجته للدم.
أما الأمر الآخر، فمن المفترض أن تكون تجهيزات الحملة قريبة من أماكن تجمع الناس لتشجيعهم على التبرع.
abuhady.1@gmail.com