يشهد العالم أجمع تحولاً ثقافياً كبيراً نشأ في هذا العقد وألقى بظلاله على الأجيال الحالية التي تعيث عصر الثورة المعلوماتية ومؤثرات الذكاء الاصطناعي، وبالتالي أخرج انعكاسات سلبية بالأخص في الجانب الثقافي والسلوكي بفعل التغيرات المتسارعة والتقدم التكنولوجي المذهل والذي ساهم في صهر الثقافات فيما بينها بشكل كامل ودون تنقية هذا المد من شوائبه. وبما إننا لانعيش بمعزل عن ذلك فقد ظهرت آثار ذلك علينا أيضاً.
ولعل من أبرز إفرازات هذه الأحداث هو التحول في السلوك اللفظي لجيل الشباب حيث تبدلت المعايير بشكل ملحوظ وأصبحت الألفاظ التي كانت تعد في السابق «خطوطاً حمراء» أمراً عادياً تتداولها الألسن دون أي مبادئ أو اعتبارات أخلاقية في الكثير من الدوائر الاجتماعية اليافعة. إن قبول الكلمات البذيئة والمقززة ليست حرية شخصية أو تقدمًا كما قد يتصورها البعض، بل هي سلوك محبط ينم عن تراجع خطير في إحترام أبجديات الذوق العام في ثقافة المجتمع ككل.. وخطر جسيم على الأجيال اللاحقة وعلى ثقافة ومبادئ المجتمع، حيث تمثل اللغة هوية وطن وانعكاس للقيم ورقي الثقافة المحلية.
إن هذه المظاهر الشاذة من استخدام الكلمات البذيئة، والتجاوز اللفظي الذي بدأنا نشهده في وسط الشباب وأماكن تواجدهم وأثناء لغة الحوار بينهم أمر مؤسف وخطير ويجب محاربته وتغليظ العقوبات لحماية الأجيال اللاحقة من تدهور أخلاقي يكمن في التطبيع مع المصطلحات المبتذلة والبذاءة وفحش القول والتمادي باستسهال هذا الأمر حتى وصل إلى شتم العائلة وأفرادها بشكل دون خوف أو توجس من ردة فعل الطرف الآخر وكذلك استخدام الإيماءات والإيحاءات الجسدية.
لقد لعبت عدة عوامل أبرزها الثورة الرقمية وضعف الوازع الديني لدى البعض، وكذلك انشغال العائلة عن دورها الرقابي وتربية وتثقيف الأبناء في هذا التحول. ولذلك، فنحن بحاجة إلى الحفاظ على المكتسبات السابقة ومحاربة اللغة الدخيلة لأن لغتنا هي لغة القرآن وقد اختارها ربنا دون سواها ومن واجبنا أن تبقى جميلة دون تشويه لدى الأجيال اللاحقة.
إن مسؤولية مكافحة هذه السلوكيات المرفوضة والألفاظ التي لا تمس للقيم بأي صلة، هي مسؤولية مشتركة تقع على عاتق كيان الأسرة بالمقام الأول، وكذلك المسجد وعلى الجهات التعليمية والجهات المعنية بالذوق العام لمحاربة هذه الآفة وإصدار التشريعات الصارمة والعقوبات الرادعة للحفاظ على الهوية وعلى القيم الثمينة التي هباها الله لهذا المجتمع.
harbimm@gmail.com