العزلة

لا أعرف لماذا تذكرت الرواية الأشهر مائة عام من العزلة لكاتبها الكولومبي غابرييل ماركيز الرواية قديمة والكاتب كبير ويقال أنه طبع منها ثلاثين مليون نسخة وهي بالإجمال تتحدث عن العزلة في حياة الأجيال. عموما مايذكرني بهذه الرواية هي دائرة العزلة الإلكترونية التي أصبحت من طبيعة حياتنا المعاصرة حيث الكل متصل بالشبكة العنكبوتية والكل ينتج مقطع، أو مقاطع، ويشاهد مقطع أو مقاطع.
الغريب أننا بمجرد أن نبدأ في مشاهدة أي مقطع يعترض نعرف أن صاحب المقطع إما يعترض، أو يتفق مع مقطع سابق، أو أنه يحتج كلام وفعل تابعه في مقطع سابق وهو هنا يسجل رأيه واعتراضه، أو حتى امتعاضك عن طريق مقطع ، والملاحظ أن الناس أصبحوا يستسهلون تصوير وتسجيل المقاطع بمعنى أن هناك مقاطع كثيرة سجلها أصحابها وهم بملابس يستحى المرء أن يقابل بها حتى نفسه.
السؤال الذي يتبادر إلى الذهن لماذا شاعت حياة المقاطع بين أغلب الناس وإلى متى ستستمر بينهم وكيف يمكن أن تتطور وإلى أي حد يمكن أن تصل، هذا كله في علم الغيب لكن هذه الحياة الجديدة تنتشر بين الناس ، أو بين الغالبية العظمى منهم، وفي الظن أنه فكرة وأسلوب سهل للحياة والمشاركة ، وإبداء الرأي لا تكلف المستخدم كثير من العناء الذي يتكبده في الطرق التقليدية في التواصل والحوار مع الآخرين.
ومن الملاحظات اللافته أن هناك كثيرون ممن يمارسون ثقافة المقاطع من الطبقات البسيطة في المجتمع وممن لديهم مشاكل أو أمراض أو مصاعب في الحياة، فيجدون هذه الوسيلة سهله ولا تحتاج كثير عناء، ويدهش البعض أحياناً أن بعض الأشخاص لا يعرف بعض الأسماء للأدوات المستخدمة مثل اللقطة والكابشن والبايو وهي كلمات متداولة بين مستخدمي المقاطع، والمقاطع المضادة.
أحد أصحاب التعليق على حياته وربما قلة توفيقه في هذه الحياة يقول في مقطع قصير أنه لم يحقق الثراء الذي يحلم به لمجرد تسجيل مقطع ونشره على وسائل التواصل الاجتماعي، ويؤكد أنه يراجع نفسه في التوقف عن نشر المقاطع لانه لم يجن الفائدة المرجوة منها، وهي تحقيق الثروة أو توفير بعض مستلزما، ومصروفات الحياة.
salem.asker@gmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *