الذهب والفضة تتأرجح في نطاق ضيق وسط ترقب جاكسون هول

ارتفعت أسعار الذهب بنسبة 26% منذ بداية العام والفضة بنسبة 30%، إلا أن المعادن الثمينة تواصل التداول ضمن نطاقات ضيقة وسط سيولة ضعيفة خلال فصل الصيف، مع خلفية اقتصادية كلية متباينة ساهمت في إبقاء التقلبات محدودة.” كلا المعدنين مدعوم بأساسيات قوية، لكن دون محفز صريح للارتفاع.

جاكسون هول

ويترقب المتداولون الأفق بانتظار الشرارة التالية، مع تركيز خاص هذا الأسبوع على اجتماع جاكسون هول وكلمة رئيس الفيدرالي جيروم باول.

وخلال الأسابيع الأخيرة، جاءت بعض البيانات الاقتصادية الأمريكية أضعف من المتوقع، في حين أعاد مؤشر أسعار المنتجين (PPI) القوي التذكير بأن الضغوط التضخمية قد تعود بفعل سياسات الرسوم الجمركية التي يفرضها ترامب.

خفض الفائدة

هذا التطور حدّ مؤقتاً من رهانات خفض الفائدة بوتيرة أسرع أو أكبر، لكن الأسواق ما تزال تسعّر احتمالية عالية لخفض بمقدار 25 نقطة أساس في اجتماع سبتمبر، فيما تبقى المسارات اللاحقة غير واضحة.
“ستخضع تصريحات باول في جاكسون هول لتدقيق شديد، خصوصاً لجهة مدى تسامح الفيدرالي مع التضخم إذا استمر النمو في التباطؤ”.

مرشح الفيدرالي

وتراقب الأسواق هوية المرشح الذي سيعينه الرئيس ترامب لخلافة باول عند تنحيه مطلع العام المقبل، وسط توقعات بأن الرئيس القادم للفيدرالي سيكون أكثر تجاوباً مع ضغوط البيت الأبيض.

دعا الأسبوع الماضي وزير الخارجية سكوت بيسنت إلى خفض بمقدار 150 نقطة أساس.

ركود وجمود

بالنسبة للذهب، أدى هذا الغموض مع ركود موسم الصيف إلى حالة جمود، وظل السعر خلال الأشهر الثلاثة الماضية محصوراً حول مستوى 3,350 دولار ، مدعوماً بطلب استثماري قوي.

ووصلت حيازات صناديق الذهب المدعومة إلى أعلى مستوى لها في 25 شهراً عند 2,882 طناً وفقا لبلومبرغ، إلى جانب استمرار –وإن بوتيرة أضعف– مشتريات البنوك المركزية. لكن مكاسب الذهب بقيت محدودة بفعل قوة الدولار (التي بدأت بالتراجع الآن) وثبات عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات.

محفز جديد

الفضة، تفتقد إلى الزخم، رغم أن الطلب الصناعي والعجز الهيكلي، إضافة إلى العوامل الفنية الإيجابية، يوفرون قاعدة دعم. غير أن شهية المضاربين لزيادة المراكز الطويلة تراجعت بغياب محفز جديد.

التدفقات تبقى داعمة

رغم التحركات المحدودة، يبقى الذهب في وضع صحي.
فقد سجلت صناديق المؤشرات العالمية المدعومة بالذهب تدفقات داخلة بلغت 259 طناً خلال الأشهر السبعة الأولى من العام، وهي الأكبر منذ عام 2020 حين أضيف 772 طناً .

وبقي الطلب على السبائك والعملات مستقراً، فيما تستمر البنوك المركزية في زيادة احتياطياتها، مع توقعات بزيادة سنوية تتجاوز 1,000 طن للعام الرابع على التوالي، ما يوفّر قاعدة صلبة تقلل من مخاطر الهبوط رغم تقلبات الاقتصاد الكلي.

واستفادت الفضة، بدورها من بيئة داعمة ولكن مع تفاصيل مختلفة.
إذ لا يزال من المتوقع أن يرتفع الطلب الصناعي بنحو 3% هذا العام، مدفوعاً بالتحول نحو الكهرباء والطاقة الشمسية، حتى مع قيام الشركات المصنعة للخلايا الكهروضوئية بتقليص كميات الفضة المستعملة في كل خلية عبر ما يعرف بـ”التقليص”.
يبقى السوق في حالة عجز للعام الخامس على التوالي في 2025، وإن كان أضيق من عام 2024..

يظهر غياب القناعة في المراكز الاستثمارية بوضوح. فمراكز المضاربين في سوق عقود كومكس الآجلة – المكونة من فئة “إدارة الأموال” وفئة “المسجّلين الآخرين” – لا تزال الأكبر عبر قطاع السلع، لكنها عند 22 مليون أونصة تظل أقل بكثير من ذروتها العام الماضي عند 31 مليون.

بلغ صافي مراكز الفضة حالياً 208 ملايين أونصة، نزولاً من ذروة يونيو البالغة 332 مليوناً، وقريباً من متوسط الخمس سنوات عند 167 مليوناً، ما يعكس سوقاً يمكن أن تشهد تراكم مراكز جديدة إذا تحسّن المشهد الفني بشكل أكبر..

محفزات محتملة لكسر الجمود

ينصب التركيز حالياً على السياسة النقدية الأمريكية والدولار لرصد أي إشارات قد تشكل محفزاً للارتفاع، لذلك عدة سيناريوهات تشمل: تحول أوضح في نبرة الفيدرالي في جاكسون هول أو ما بعده، مع تأكيد خفض سبتمبر والتلميح إلى سياسة أكثر تيسيراً حتى نهاية العام.

قد يضغط على الدولار ويخفض العوائد الحقيقية، ما يوفر دعماً قوياً للذهب والفضة.

وأشار إلى أن السيناريو الثاني: بيانات أضعف للوظائف –سواء من تقرير الوظائف غير الزراعية أو بيانات فرص العمل (JOLTS)– التي قد تعزز التوقعات بالتيسير النقدي وتدعم الذهب مع تراجع الدولار، خاصة إذا أقدم الفيدرالي على خفض الفائدة رغم عودة التضخم للارتفاع.

ولفت إلى ان السيناريو الثالث: المخاطر الجيوسياسية التي تبقى ورقة غير متوقعة، سواء من أوكرانيا أو الشرق الأوسط، بما قد يعيد علاوة الملاذ الآمن سريعاً.

وأفاد بأن السيناريو الرابع بالنسبة للفضة تحديداً، فإن الدعم الصيني الأقوى من المتوقع أو المفاجآت الصعودية في منشآت الطاقة الشمسية قد يشكل عاملاً يبرز العجز الهيكلي ويدفع التوازنات لمزيد من الضيق.

محركات تستحق المتابعة

وحدد ساسكو بنك 5 محركات تستحق المتابعة خلال الأسابيع المقبلة تشمل: تصريحات باول في جاكسون هول وما يليها من خطابات مسؤولي الفيدرالي.

وأضاف ان المحرك الثاني: أداء مؤشر الدولار، الذي شهد مرحلة من التماسك مع ارتفاع مؤقت، قبل أن يعود تحت الضغط. أي انعكاس هابط قد يفتح المجال أمام الذهب والفضة.

وأشار إلى أن المحرك الثالث: عوائد سندات الخزانة الحقيقية، خصوصاً لأجل 10 سنوات، باعتبارها مؤشراً رئيسياً للاتجاه.

وأفاد بأن المحرك الرابع: تدفقات صناديق المؤشرات وبيانات مراكز المضاربة، التي تعكس تغيرات القناعة الاستثمارية.

وذكر أن المحرك الخامس: بيانات النشاط الاقتصادي في الصين وإشارات التحفيز، نظراً لارتباط الفضة الوثيق بالقطاع الصناعي.

وبحسب “ساسكو بنك”: يظل تداول الذهب والفضة محصور ضمن نطاقات ضيقة، في انتظار محفز خارجي.

وأوضح ساسكو بنك أن على الرغم من الأساسيات الداعمة (تدفقات الاستثمار، مشتريات البنوك المركزية، والطلب الصناعي)، إلا أن أي صعود إضافي يحتاج إلى محرك كلي، مثل إشارة تيسيرية من الفيدرالي، بيانات أمريكية أضعف، أو صدمة جيوسياسية. وحتى ذلك الحين، سيظل المعدنان محصورين في نطاق تداول ضيق، فيما يترقب المتداولون عودة التقلبات.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *