كل فرد منا يريد أن يقول ويهمه أن يسمع. لكن هناك ظاهرة يلحظها الكثير في تحدثه مع الناس. يظل الرجل يتكلم والآخرين في إنصات، ويبدو بأن هذا السكوت هو دعوة إلى المتحدث على مزيد من الكلام والتشجيع له على الاسترسال. أما بالنسبة للنساء فلهن طريقة فريدة، فهن قادرات علّى أن يتكلمن جميعا، في وقت واحد، وفهم واستيعاب ما يدور من طرح في الوقت نفسه! هذه الظاهرة بين الجنسين بحاجة أن تفهم دلالتها وعمق اختلافها.
تشير الدراسات إلى أن هناك فروقات في بيولوجية تركيبة الدماغ، والتي تختلف بين الرجال والنساء. لدى النساء، اتصال أقوى بين نصفي الدماغ، مما يساعدهن على القيام بعدة مهام في وقت واحد «مثل الكلام والاستماع والفهم». بينما يميل الرجال إلى استخدام نصف دماغ واحد في الوقت نفسه، مما يجعلهم يركزون على مهمة واحدة بكثافة «مثل الكلام بهدف التأثير أو الإقناع». أما علّى صعيد الأدوار الاجتماعية، نجد أن الكثير من الثقافات، يُشجع الرجال على أن يكونوا قادة أو مؤثرين، مما يعزز لديهم الإحساس بأن كلامهم له وزن وتأثير. بينما يُعَلَّم النساء منذ الصغر أهمية بناء العلاقات والحفاظ عليها، مما يجعل الحديث بالنسبة لهن وسيلة للتواصل العاطفي والفهم المتبادل. المجتمع في مجمله يميل أحياناً إلى دعم فكرة أن الرجل يجب أن يكون مركز الانتباه، مما يعزز ثقته بالتحدث لفترة طويلة. أما النساء، فغالباً ما يشجع على أن يكن مستمعات جيدات، مما يجعلهن أكثر وعياً بضرورة موازنة الحديث والاستماع.
البحوث تشير أيضا أن هناك فروقات في الغايات من الحديث: نجد أن الرجال، يميلون إلى الحديث كوسيلة لإيصال فكرة أو تحقيق هدف معين. لذلك، عندما يتكلم الرجل، فإنه يشعر أن لديه شيئًا مهمًا ليقوله، ويتوقع أن يستمع الآخرون له، أو يتفاعلوا «بالضحك أو الإعجاب». فهو ميال إلى التركيز على المحتوى اللفظي أكثر من السياق العاطفي. الحديث بالنسبة للنساء غالباً ما يكون وسيلة للتواصل العاطفي أو تبادل الأفكار. لذا، قد يتحدثن ويستمعن في الوقت نفسه، مما يخلق ديناميكية متوازنة بين الكلام والفهم. وأن النساء أكثر قدرة على قراءة الإشارات غير اللفظية في أثناء الحديث «مثل تعابير الوجه ونبرة الصوت»، مما يساعدهن على التفاعل مع مشاعر الآخرين في أثناء الحديث.
خلاصة القول، لنتعود أن لا نقاطع كلام أحدا، ولا نستنكر أسلوب الآخر. هذه فروقات بين الجنسين أودعها الله -سبحانه- وتعالى في خلقه. عزز أدب الحوار في كلامك واستماعك وفهمك.
akuwaiti@iau.edu.sa