عندما يتقهوى صندوق الاستثمارات

لم يأتِ اهتمام صندوق الاستثمارات العامة بإنشاء «الشركة السعودية للقهوة» في العام 2022 من فراغ، فعلاقتنا بقهوتنا السعودية علاقة هويّة وعاطفة وإعجاب يستمد طاقته من الحنين؛ وهناك أيضًا بُعد استراتيجي لم تغفله العين الاستثمارية للصندوق، فهذا السوق ينمو بنسبة تتجاوز 5% كل عام، إلى جانب الملحوظ على مستوى الإنسان من ازدياد الاهتمام بأصناف القهوة وعلاماتها التجارية ومقاهيها التي تتسابق وتتنافس للظفر بالعملاء الأوفياء.
بوجود هذه الشركة، يؤكد الـ (بي-آي-إف) أنه يقظٌ تماماً لكون المملكة أرض خصبة لإنتاج البن، وجنوب المملكة يحتوى على هذا الشريط الإنتاجي الثمين الذي ينتهي بالتمركز في منطقة جازان الزاخرة بأشجار البن المنتجة لحبوب قهوة الأرابيكا التي تلعب دور المنافس الأشرس لقهوة الروبوستا، ويستحوذ صانع المزاج «أرابيكا» على 80% من الحصة العالمية للانتشار كذائقة وتفضيل، وبهذا يتسع العمل المؤسسي للشركة السعودية للقهوة ليحتضن المشاريع الزراعية، تدريب المزارعين، تطوير تقنيات زراعة البن، تحسين وتطوير عمليات إنتاج البن في المملكة، وتقديم الدعم للمزارعين المحليين، ومد يدٍ واثقة لتنمية قطاع القهوة السعودي والوصول به إلى العالمية.
هناك أهداف كبيرة قادمة، ومن أهمها أن تكون مدننا وجهة عشاق القهوة من مختلف أنحاء العالم, وأن تكون مزارعنا في الجنوب سلّة البن الفاخر التي نرسلها بفخر كل يوم إلى العالم، ومؤكد أننا لم ننجح في زراعة البن على مدى 800 عام بفعل الصدفة! واعتزازًا بهذا التاريخ، ستعمل الشركة على زراعة 10 مليون شجرة بن خلال 10 أعوام فقط، مع تعزيز فرص الاستدامة، كما أطلقت الشركة مبادرات عالية القيمة، ومنها أكاديمية للقهوة لضمان مستوى جودة المنتج النهائي، وتحقيق رضى المستهلك محليًا وعالميًا، ومسابقة محصول التميز السعودي، ودعم المزارع النموذجية، وتشجيع الاستدامة عبر محاور عديدة تنتقل برشاقة بين المحافظة على الموارد المائية وتقليل انبعاثات الكربون.
ختامًا، المجتمع السعودي يستهلك الملايين من أكواب وفنجاين القهوة يوميا، وأترك لكم مهمة احتساب حجم ما ينسكب يوميا من سيولة في هذا السوق على مستوى الوطن، لذا من البديهي أن يدخل صندوق الاستثمارات العامة سوقًا كهذا، ويتقهوى نجاحاً يعود على الجميع بالفائدة التي ترتقي بالمزاج والمعنويات وتنتهي إلى تقبّل يوميات الحياة وتحدياتها بطاقة إيجابية.
abdullahsayel@gmail.com