اليوم العالمي للعمل الإنساني وغزة

صحيحٌ أن العمل الإنساني يعزز الروابط الاجتماعية، ويحسن الصحة النفسية، وينمي المهارات الشخصية، وينشر القيم الإنسانية، ويحدث تغيرات إيجابية، وهو بشكل عام، له دور في تحسين البيئة والاقتصاد والمجتمع، ولكن مع هذا كله، فإن اليوم العالمي للعمل الإنساني ليخجل لم وصل به الحال؟!
حيث أن الذين يعلمون في هذا المجال في أماكن الصراعات ومناطق الحروب أصبحوا معرضين أكثر من ذي قبل إلى القتل أو الاختطاف، وهذا ما أكدته هيئة الأمم. وهي تضيف أن العدد يزداد في كل سنة، ويتطلب وقفة قوية من المجتمع الدولي تجاه هذه المسألة الخطيرة التي تؤدي إلى مصرع الكثير من العاملين في هذا المجال الإنساني الراقي.
ولعل أسوأ مكان ضُرب فيه العمل الإنساني في مقتل «حقيقة لا مجازا» هو في غزة، حيث أن العاملين في مجال الإغاثة الرسمي لم يسلموا من مواجهة الموت عيانا وجهارا. حيث ذكرت هيئة الأمم ما يلي: «يشير تقرير الوصول الإنساني في غزة أن حالات الوفاة تفوق «30» ألف بين المدنيين وتشمل أكثر من «150» عامل إغاثة. وهو رقم غير مسبوق في مثل هذا السياق وهذه الفترة القصيرة».
وتضيف هيئة الأمم وبنبرة حزن وآسى: «من الأراضي الفلسطينية المحتلة إلى السودان وميانمار وغيرها من الأماكن الأخرى، شهد النصف الأول من عام 2024 بالهجمات على المرافق الصحية والتعليمية ومرافق المياه والصرف الصحي، مما ترك الملايين من الناس محرومين من أي إمكانية للحصول على الخدمات التي يحتاجون إليها للبقاء على قيد الحياة».
حديثنا عن هذا اليوم العالمي لأن يوم «19» من شهر أغسطس يوافق «اليوم العالمي للعمل الإنساني» وتقارير الدولية تشير إلى أن العالم مشتعل بالحروب والأزمات، حيث أن الأمم المتحدة تسعى لدعم «190» مليون شخص حول العالم. ولذلك، جاء هذا اليوم تذكيرا وتثمينا للجهود التي يقوم بها العاملون في المجال التطوعي الإنساني. ويأتي الشعار لهذه السنة: دعوة إلى العمل #من_أجل_الإنسانية.
وأما عن سبب اختيار هذا اليوم، ففي 19 أغسطس 2003م، أسفر الاعتداء على فندق القناة في بغداد بالعراق عن مقتل «22» من العاملين في ميدان الإغاثة الإنسانية، بينهم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق. وبعد مضي خمس سنوات، اعتمدت الجمعية العامة قرارا بإعلانه يوما عالميا للعمل الإنساني.
ومع أن الأرقام الدولية التي ذكرت آنفا، والتي نشرتها هيئة الأمم المتحدة صادمة في حق العمل الإنساني، ولكن هذا يدل على أن العمل الإنساني صار أكثر ضرورة من ذي قبل لأنه هو الصواب، خصوصا في أوقات الحروب والصراعات، والأزمات والكوارث الطبيعية.
وفي المقابل، تنبه هذه الأرقام المؤسفة العاملين في المجال الإنساني في غير مناطق الصراعات والنزاعات، أن يعوا حقا معنى وقيمة الأمن الذي يعيشون فيه.
والحقيقة المستفادة أيضا، أن الأمن والأمان هي نعمة كبرى لنا جميعا، وأغلى من أن تُثمّن أو تُهدر!!
abdullahalghannam@hotmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *