الصراع أياً كان نوعه، يبقى صراعاً، وللأسف من التجارب التاريخية الدولية أن الصراع وخاصة الصراعات المسلحة التي تطال جزء من حياة المدنيين تؤثر سلباً على كل مناحي الحياة، وكلما طال أمد الصراع ، أي صراع كل ما أصبحت القدرات، والموارد، والتفكير الرسمي متوجه لخدمة الصراع، ولمن يتذكر في فترة ثمانينات القرن الماضي كان هناك صراع دام مايقرب من عقد من الزمان بين الجمهورية الإسلامية في إيران وبين الجمهورية العراقية، وتقول المصادر أن الضحايا البشرية التي خسرها الجانبين الإيراني والعراقي تجاوزت مليوني إنسان.هذا عدا الخسائر الأخرى المادية والتنموية، وما أود الإشارة إليه أن الدولة في العراق والإعلام والسياسية الخارجية والأنشطة الثقافية وغيرها من أنشطة الحياة أصبحت مسخرة من أجل خدمة المشرع الصراعي، وكانت صدمة لي شخصيا وكنت في زيارة لبلد عربي أن رف في إحدى المكتبات يحوي أعمال أدبية رويات وأشعار وحتى كتب للأطفال كلها تتحدث عن الحرب، وكأن الإنسان خلق في هذه الحياة للحرب!
في السودان حيث تستعر الحرب منذ منتصف أبريل ٢٠٢٣ هناك إصرار من طرف رئيس هو الجيش والجهة التي يتعامل معها العالم على أنها الممثل الرسمي إلى الآن للدولة السودانية بأن تحل الأمور بالقوة، والقوة فقط ولا يبدو أن هناك أمل قريب لحل سياسي وسلمي يجنب الناس الموت والدمار، وفي السودان ومع استمرار الحرب، رصد المراقبون بعض التطورات منها زيارة بتاريخ السابع من أغسطس لرئيس الوزراء السوداني للقاهرة وصدور بيان يدعم الدولة ويقف من السودان بشعبه وسيادة وينبه لخطورة تقسيمه كما ورد في البيات الرسمية، في الزيارة اللافت أن الجانبين تحدثا عن التفكير في مشروع إعادة الإعمار في السودان، وكأن الصراع وصوت السلاح قد توقف. إشارة أخرى تم رصدها في هذا الخصوص وهي انشقاق دبلوماسيين سودانيين في الخارج يعني رفضهم الاستمرار في تمثيل النظام السياسي الحالي وطلبوا اللجوء السياسي في الدول التي يعشون فيها وهذا التطور رصده أكثر من مراقب في بعض الأزمات التي مرت بها المنطقة كعلامة عن الرفض وإشارة على تحلل النظام أو دخوله في مرحلة خطره.
يضاف إلى ذلك أحاديث عن امتلاء أرض السودان بمقاتلين أو مرتزقة حتى من كولومبيا الدولة البعيدة في شمال أمريكا الجنوبية، ما نود التأكيد عليه أن مرضاً واحداً قد يتفاقم ويصبح عدة أمراض، وهنا لا يجد الجسم غير الاستسلام .
salem.asker@gmail.com