متاحف وفنادق وحرفيون.. خطة تراثية مبتكرة بالشرقية

كشفت هيئة تطوير المنطقة الشرقية عن تبنيها توجهاً استثمارياً واعداً يقوم على تحويل المباني والمواقع التاريخية في المنطقة إلى أصول اقتصادية واجتماعية مستدامة، عبر تطبيق مفهوم ”الإعادة التكيفية“.

وأوضحت الهيئة أن هذه الاستراتيجية تهدف إلى بث الحياة في التراث ليكون رافداً اقتصادياً فاعلاً، بدلاً من أن يبقى مجرد معالم صامتة تقتصر على الزيارة، لافتا إلى انها تمثل تحولاً جذرياً عن النهج التقليدي في الحفاظ على التراث.

وبيّنت أن هذا المبدأ المطبق عالمياً يرتكز على تغيير استخدام المباني التراثية بأسلوب ذكي يحافظ على قيمتها التاريخية والمعمارية الأصيلة، مع إعطائها وظيفة عصرية تلبي احتياجات المجتمع الحالية. ويفتح هذا النهج الباب أمام فرص استثمارية واسعة ومتنوعة، تتجاوز المفهوم التقليدي للمتاحف.

بيئة إبداعية جاذبة

وتشمل الخطة المقترحة، التي وردت ضمن دليل متخصص أصدرته الهيئة، إعادة توظيف هذه المواقع لتصبح متاحف حية، ومراكز ثقافية وفنية، وفنادق تراثية صغيرة «بوتيك»، بالإضافة إلى مطاعم متخصصة في المطبخ المحلي ومقاهٍ ثقافية ومراكز للحرفيين، مما يخلق بيئة إبداعية جاذبة.

وضربت الخطة أمثلة عملية لتحويلات محتملة، مثل تحويل مبنى الجمرك التاريخي في الجبيل إلى متحف يروي قصة التجارة البحرية وصيد اللؤلؤ في الخليج، أو تطوير حي الدواسر في الدمام ليصبح مركزاً حياً للعرض التفاعلي باستخدام التقنيات الحديثة لسرد قصص سكانه الأوائل.

وأشارت إلى إمكانية إنشاء مراكز بحثية متخصصة، كمشروع دراسات الزراعة التقليدية في قرية نطاع، والذي يمكن أن يصبح مرجعاً للباحثين في أساليب الري القديمة والزراعة المستدامة، مما يربط التراث بقضايا معاصرة كالأمن الغذائي.

وأكدت هيئة تطوير الشرقية أن جميع المشاريع ستخضع لضوابط صارمة ومعايير دقيقة تشرف عليها لجان متخصصة تضم خبراء في العمارة والآثار والتاريخ، لضمان عدم تأثير الأنشطة الجديدة سلباً على المواقع، سواء من الناحية البصرية أو السمعية.

صناعة الحاضر والمستقبل

وشددت على أن أي تدخلات معمارية يجب أن تكون قابلة للإزالة ولا تمس الجوهر الإنشائي للمبنى، مع الالتزام بمستويات الحماية المحددة لكل موقع للحفاظ على القيم الثقافية الأصيلة التي تمثلها هذه الأماكن، وضمان عدم المساس بهويتها الراسخة.

وتركز الرؤية الجديدة أيضاً على تحقيق تكامل عضوي بين المواقع التراثية والنسيج العمراني والأنشطة الاقتصادية المحيطة بها، مثل الأسواق التراثية والمماشي البحرية، لخلق دوائر اقتصادية متكاملة.

ويهدف هذا الربط إلى تعظيم الفائدة الاقتصادية والاجتماعية، وتنشيط السياحة المجتمعية التي تعود بالنفع المباشر على السكان المحليين من خلال خلق فرص عمل جديدة.

ويندرج هذا التوجه الاستراتيجي ضمن مستهدفات رؤية المملكة 2030، الرامية إلى تنويع مصادر الدخل الوطني وتعزيز جودة الحياة، حيث يتحول التراث من شاهد على الماضي إلى مساهم نشط ومؤثر في صناعة الحاضر ورسم ملامح المستقبل.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *