الوحش الخفي

العنف هو مشكلة عانت منها العديد من المجتمعات بغض النظر عن الديانة أو الثقافة السائدة فيها، وهي من أقدم المشاكل التي عرفها المجتمع البشري على مر التاريخ، غير أنها في الفترة الأخيرة شهدت زيادة وانتشار كبير، ولهذا نالت هذه المشكلة اهتمام ولفتت أنتباه كافة الجهات المهتمة والمعنية بالأسرة.
للعنف النفسي أثر بالغ في بناء شخصية الطفل، يعرف مفهوم العنف النفسي كل شكل من أشكال الاعتداء والإساءة النفسية أو اللفظية التي تمس بكرامة الطفل ويشمل جميع أشكال التفاعل مع الطفـل التي تنطـوي دائما على ضـرر، كالتهديد والوعيد والتوبيخ والصراخ واي نوع من الكلام يسبب ألمآ نفسياً لطفل بأنه عديـم القيمة أو غيـر محبوب أو مرغوب فيه أو بـأن لا قيمـة له سوى في تلبية احتياجات غيره، بالإضافة إلى العزل والتجاهل والتحيز والسخرية والإذلال.
كما أن العنف النفسي يأتي مرافقاً لكافة أنواع العنف الآخرى.. وعلى الصعيد العالمي يقدر أن العنف النفسي يوثر على حياة أكثر من طفل واحد من كل ثلاثة أطفال وعلى وجود الكثير من الأبحاث والدراسات حول موضوع العنف النفسي الا أن هناك تصور لدى البعض بان العنف مقتصر على الاعتداء الجسدي فقط وعلى الرغم من أن العنف النفسي له آثار وخيمة ويبدو إنه لا يقل ضرار عن العنف الجسدي كما أنه يتفوق في بعض الأوقات عن العنف الجسدي، لما له من آثار وأبعاد وتبعات كثيرة توثر على بناء شخصية الطفل وإثارة تستمر لفترات طويلة من الزمن وهو من أشد أنماط العنف لأنه يوثر على المشاعر والأحاسيس الداخلية للفرد ويصعب اكتشافها.
يصعب تحديد العنف النفسي الذي يمكن أن يوجه للطفل وذلك لعدم وجود علامات واضحة وظاهرة مثل الكدمات التي يحدثها العنف البدني مثلآ، وتتعد الأفعال والسلوكيات المسببة للعنف النفسي ، جميع أشكال التفاعل من قبل الوالدين والمحيطين للطفل الممثلة في العنف النفسي في مراحل حياته الأولى تستمر معاه إلى مرحلة البلوغ لأنها تتشكل من خلالها نظره الطفل لنفسة وللعالم من حولة ويتكون مفهومة لذاته من خلال هذه المرحلة كما أن من المحتمل أن يخلف العنف النفسي على الأطفال ظهور العديد من الاضطرابات النفسية ويتسبب في العديد من المشاكل النفسية والاجتماعية وظهور نمط من الاكتئاب وتدني تقدير الذات وقصور في نمو الشخصية والعلاقات الغير ملائمة أو المضطربة وعدم التعاطف مع الاخرين وعندما يمتـد العنـف بين الأشـخاص مـن بيئـة إلى أخـرى، فإنـه يؤدي إلى ما يعرف بتعدد الضحايا.. مثال :
الطفل الذي يمارس التنمر «وهو احد أشكال العنف النفسي»، على أقرانه بالمدرسة لو بحثنا لوجدنا أن هناك من مارس علية التنمر من أحد أفراد عائلته، ومن المهم توعية المجتمع والاهل بأهمية الرعاية النفسية الايجابية لتعزيز النمو الصحي للطفل فيجب التصدي لهذه المشكلة من خلال نشر الوعي بين افراد المجتمع وفي المدارس بتعزيز السلوكيات الإيجابية بين الاطفال وتكثيف البرامج التوعوية والنشرات التثقيفية حول مشكلة العنف النفسي وكيف يوثر على كيان الفرد والمجتمع ككل وخلق أجيال تتوارث هذا العنف النفسي باعتباره أسلوب حياة.
samah1420abd@gmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *