طلابنا.. والتدريب التعاوني

malwadai@kku.edu.sa
المتابع اليوم لتغير متطلبات سوق العمل السعودي كأحد الأسواق الرائدة اليوم في استقطاب الكفاءات الرائدة محلياً وإقليمياً وعالمياً بناءً على إعادة ترتيب أولويات الحصول على الوظيفة والتي تُعد حُلُم كل خريج وخريجة من مؤسسات التأهيل والإعداد الجامعية والفنية والتقنية، فبالأمس القريب كانت الشهادة الجامعية تمثل متطلباً مهماً وطريقاً معبداً للحصول على الوظيفة بسهولة ويسر وبمعدل تنافسي أقل، ولكن منذ انطلاق الرؤية الوطنية 2030م تغيرت كمياء سوق العمل بتغير متطلبات الحصول على الوظيفة والنسب التي تمثلها، حيث أصبحت الشهادة الجامعية في المرتبة الثالثة حيث لا تمثل في أحسن أحوالها ما يتجاوز عشرين بالمائة من معايير الاستقطاب الوظيفي لتحتل الشهادات المهنية والاحترافية المنزلة الأهم في المفاضلة بين المتقدمين والمتقدمات بحسب الوظيفة المعلن عنها، ولتأتي المهارات الناعمة في المنزلة الثانية بنسبة تتجاوز ثلاثين بالمائة من تحقيق متطلبات سوق العمل.

ومع إقرار الجامعات السعودية لمقرر التدريب التعاوني وإلزامية الطالب والطالبة الخريجين بإتمامه إلا أنه من خلال رصد عدد من الممارسات غير الجيدة داخل جهات التدريب من جهة وغياب المتابعة من قبل الجامعات من جهة أخرى أفقده أهميته وقيمته المضافة في تعريف الطالب والطالب بطبيعة سوق العمل وآليات التعامل معه بمختلف مكوناته، مما يبرز أهمية تحرير مصطلح التدريب التعاوني وتجلية الضبابية المحيطة به لدى كافة الشركاء سواء من ناحية الإشراف والمتابعة أو من ناحية التمكين والتنفيذ لضمان تحقيق مستهدفاته.

ومما لا شك فيه أن التدريب التعاوني يُعد أحد المراحل المهمة في رحلة الطالب والطالبة من خلال تزيدهم بفرص تعليمية عملية تساعدهما في ربط النواحي النظرية بالعملية التطبيقية؛ مما جعله أحد المكونات المهمة للحصول على الدرجة العلمية وخصوصاً في التخصصات التقنية والإدارية، ولذلك لتمكينه للطالب والطالبة بقضاء فترة زمنية تتراوح غالباً ما بين 8 إلى 16 أسبوعًا في أحد القطاعات الحكومية وشبه الحكومية والخاصة وغير الربحية ليكتسب خبرة ميدانية ويطبّق ما تعلمه نظريًا، وتطوير مهارات التواصل وحل المشكلات والعمل الجماعي وتشكيل وإدارة فرق العمل ومتابعتها وبناء شبكة علاقات مهنية تخصصية بهدف صقل الشخصية والاطلاع على المسارات الوظيفية وتحسين فرص الحصول على العمل لاحقاً بعد التخرج بناء على الاهتمام الشخصي وامتلاك المهارات والقدرات المناسبة لها.

وبدراسة واقع التدريب التعاوني وإخفاق البعض من الاستفادة منه يتضح أن هناك ثمة مشاكل تتعلق بالطلاب والطالبات تتمثل في ضعف الإعداد المسبق وقلة المعرفة بالمهارات العملية المطلوبة قبل بدء التدريب، وغياب الجدية والانضباط، والتأخير، والغياب المتكرر، أو عدم الالتزام بساعات العمل، وضعف مهارات وصعوبة التواصل والتعامل مع الموظفين أو العملاء، وانخفاض الدافعية نحو التعلم، وغياب المبادرة وانتظار المهام بدل البحث عن فرص للتعلم.

وفيما يتعلق بالإشكاليات المتعلقة بجهات التدريب فتتمثل في غياب خطة تدريب واضحة وعدم تحديد أهداف أو مهام محددة للمتدرب، ومحاولة استغلال المتدرب في أعمال غير مرتبطة بتخصصه كالأعمال المكتبية الروتينية فقط، وضعف وقلة التوجيه والمتابعة وترك المتدرب دون إشراف أو دعم كافٍ، وهشاشة وضعف بيئة العمل بوجود عدد من المشاكل التنظيمية أو الإدارية داخل الجهة المستضيفة والمؤثرة على فرص التدريب التعاوني. كما أن هناك عدد من المشاكل التنظيمية والإدارية والمعيقة لنجاح التدريب التعاوني وتحقيق أهدافه ومن أبرز تلك المشاكل تأخر التنسيق بين الجامعة وجهة التدريب مما يؤدي لبدء التدريب متأخرًا أو في فترة غير مناسبة، وعدم التوافق بين تخصص الطالب وطبيعة الجهة: يؤدي إلى ضعف الفائدة، والقصور في التقييم والمتابعة وعدم وجود آلية واضحة لقياس أداء المتدرب.

ولتجاوز تلك الإشكاليات والحد من تفاقمها والعمل على تحسين تجربة التدريب التعاوني للطالب والطالبة تبرز الحاجة الماسة إلى إطلاق منصة وطنية بإجراءات محوكمة وبمؤشرات دورية ترفع ضمن تقارير الجهات للمركز الوطني لقياس أداء الأجهزة العامة (أداء) فيما يتعلق بالجهات الحكومية وشبه الحكومية، ولوزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية فيما يتعلق بالجهات الخاصة وغير الربحية، والتي يُلزم من خلالها جهات الاستقطاب والتدريب بعرض فرص التدريب لديها وفق جدول زمني محدد ومستهدفات محددة ليتسنى لجهات التأهيل والإعداد الاطلاع عليها وإتاحتها للطلاب والطالبات بما يتناسب مع تخصصاتهم وتوجيه برامج التأهيل المهني لهم بما يتلاءم مع تلك الفرص، ومحاسبة الجهات التعليمية الداخلية بها على القصور في الإشراف والمتابعة ؛ وبهذا نصنع الأثر ونعظمه ونستديمه ونقضي على البطالة المقنعة ونؤهل طلابنا وطالباتنا لسوق العمل بجدارة واقتدار.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *