في رحلاتي الخيالية التي أُجالس فيها نفسي وأنسج الحكايات ليقرأها من تقع عليها عيناه؛ قصصا بعضها تكررها المواسم وفي كل موسم ترتدي حلة جديدة ومن تلك الحكايات حكاية أحكيها مع بداية شهر أغسطس عن إمرأة بديعة الجمال تُدعى»سنة « ولها إثنى عشر ولدا ولكل ولد سمة يُبصم بها وميزة تميزه عن غيره فكان مثلا الشهر الأول من السنة شهر يعرف صاحبه باتقان البدايات وكان شهر مايو شهر ولادة أطروحات الخيال و سبتمبر شهر بريق راية خضراء موشاة بأبيض صافي اقتبس صفائه من سحب السماء حاكتها ملاحم أسست أركان ثابتة صنعت ولازالت تصنع المستحيلات، وشهر النهايات ديسمبر فيه تحسب الإنجازات وتقييم التجارب وتمنح المكافآت، وهكذا تتوالى الشهور بمميزاتها.
من بين الشهور هناك شهر أغسطس الذي يحب أن ينفرد بقصة ضمن مميزاته فهو شهر ارتبط بظهور نجم سهيل في السماء ومع ظهوره ينتابني فرحا عظيما لأنني أعتبره نجمي وملكي رغم أنه يسكن السماء وبسببه فضلت النجوم على القمر بكل مراحله ولو كان بدرا، وفي جلسة صفاء تخيلتني في الفضاء في محكمة عظيمة قاضيها الشمس وجلاسها القمر والنجوم وأنا فيها متهمة بعشقي للنجوم ومطالبة بتقديم ذرائع عشقها، فقلت: أعشق النجوم لأنها تُضيء ذاتها واضحة جلية ليس لها كالقمر وجه مشرق وآخر مقبرة ظلام، نعم الشعراء تغزلوا بالقمر بضني لأن بعض البشر أحب الازدواج في الأشياء وفضلو من لا يشقى بإضاءة نفسه بل يستجدي ضوء غيره ليضيئه الانعكاس.
أما النجوم فهي صافية لا تمارس الازدواج نقية، مضيئة و طيبة فهي تدل التائهون في الصحراء، هي تبشر بالمواسم ولا تعلن بداية شهر وتصاحبه بهيئات مختلفة ثم تواريه مثواه، تنكدر نهاية أيام الحياة فتهوى شامخة لوحدها كعادتها في الحياة، لا تحتاج أن تخسف مع الشمس لتُنبأ ببداية النهايات، هي رغم حجمها العظيم واستمرار توهجها تخفت ضوؤها ولا تُرى إذا ظهرت الشمس توقيرا لها وإجلال؛ بعد هذا الحديث تم تبرئتي فبراهيني أثبتت أن النجوم أحق بالعشق دون منازع وإن لم تُنظم فيها الأشعار.
ishe333@gmail.com