«لولا سموم القيظ ما جاد النخيل» .. حين تصنع القسوة جمالًا !
في عمق هذه العبارة البسيطة، تنشأ واحدة من أعظم حكم الحياة الفلسفية:
إيضاحًا بأن الألم ليس دائمًا عدوًا، بل قد يكون في لحظات معينة أعظم معلّم.
كما أن النخيل لا يثمر إلا بعد أن يعبر صيفًا لاهبًا بسمومه، كذلك الإنسان لا يُثمر إلا بعد عبوره مواسم الصبر، والخسارات، والخذلان.
نعم يا صديقي، فالحياة لا تُصفّق للراحة، بل تُكافئ من عبر النار مرارًا وخرج منها أكثر نضجًا.
وهذا ما أدركه القدامى.. أجدادنا الذين لم تدرّسهم جامعات الحياة الحديثة، لكنهم قرأوا فصولها من لون الشمس، وصمت الليل، وصوت التعب في ظهورهم.
القيظ هنا ليس مجرد حرّ الصيف، بل رمز لكل ظرف قاسٍ قد يكون عائقًا جبارًا في لحظة ضعف، ثم يبدو سببًا تافهًا حين نعود للماضي بعد أن نتجاوزه.
وفي مقابل القيظ، يأتي «الجود».. تلك النتيجة الناضجة، الحلوة، المليئة بالقيمة.
فكما لا يُقطف التمر الطيّب إلا بعد معاناة الشجرة، لا تُقطف الحكمة إلا من قلب التجربة.
ربما نحن الجيل الذي يخاف من القيظ، ويهرب من الألم، لكن إن كنا نبحث عن نضج يشبه النخيل، علينا أن نتعلم كيف نواجه القيظ لا أن نشتكي منه.
وبالمناسبة، «الجود» لم يكن فقط من ثمار النخيل، بل تأصّل في نفوسهم؛ فجادت علينا أجيالهم بعلم بسيط، وحكمة عظيمة.
ebtehal11119@gmail.com