كما أن للأدوات الموسيقية أوتارًا يطرب بصوتها السامعون، تمتلك الأيدي أوتارًا تقع أسفل الجلد، وراءها تتوارى أسرارٌ تسر الناظرين.
ما يبعث السرور، أول ما تخفيه الأوتار؛ فالبلاء الحسن هو فرحةٌ لما أحسن له الفرد صنعًا، فالطالب يفرح عندما ينجح في أداء اختباراته النهائية، ومع كل إنجاز تتزايد الأسرار، فما ينادونه سر المهنة هو من يختلس النظر وراء الأوتار؛ ويخشى رؤية ضوء النجاح فيتأثر بأشعتها فوق الثقة التي تسبب الطفح الغروري، وهذا ما يسبب داء الأنانية، ولهذا يتربع سر المهنة الناجح مع أقرانه خلف الأوتار ليوقف هذا الوباء.
ما يسبب الألم، ويعكر صفو الأيام، فقد تسبب إهمال مهندسٌ في هدم أحلام معلمةٍ واجهت عاصفة المرض قبلًا أثناء غربتها عن الوطن، وانتصرت عليه بشجاعة، وبعد سنواتٍ حصدت ثمار تعبها لتضعها في بناء منزل العمر مع زوجها الذي قاسمها العمل الدؤوب، ولكن تعثر صناع الحلم، وغياب المسؤولية عن مرافقتهم في المسير جعل حلمها مشلولًا، ورغم سعيها لإنقاذه، إلا أنها لم تتمكن من ذلك، وعاد المرض الجبان الذي لا يجرؤ على مواجهتها، وهي قوية، ولكنها كالوردة التي لا تذبل بتلاتها مع نسمات الهواء القاسية، ويظل رجاؤها إلى الله بأن يتمكن حلمها المشلول من الشفاء.
ما يمكن إصلاحه، هو آخر ما يمكن لمن أخطأ أن يفعله، ورغم تباين حجم الإصلاح، فقد يعتبر بلسمًا يخفف جزءًا من الألم، ومن الممكن أن يصلح الأمر برمّتِه، فقد يتمكن محلل البيانات من اكتشاف حقائق طوتها صفحات النسيان، وإبعاد ما ليس بذي قيمة للبحث، وبهذا يمكن إصلاح الوضع.
ولا يزال لدى القلب ما لا يقبل الترجمة، وستبقى الأسرار في الوراء تشاهد الحياة من بعيد لتحتفظ بذاتها.
BayianQs03@outlook.sa