تُعد الرياضة في هذا العصر أحد أبرز أدوات القوة الناعمة كما يُجمع على ذلك المتخصصون في السياسة والثقافة والإعلام. فهي وسيلة تأثير هادئة عابرة للحدود قادرة على صناعة الانطباعات وبناء الجسور بين الشعوب.
لكن الغريب وربما المؤلم أن بعض من يرفع هذا الشعار ليل نهار هم أول من ينقضون معانيه ويمارسون نقيضه تمامًا باسم النقد الرياضي!
فكم من إعلامي يخرج متوشحًا بمصطلح القوة الناعمة ينطقه بوقار العارف ويردده بثقة الخبير بينما سلوكه الإعلامي لا يتجاوز أدوات التجييش والتهكم والإسقاط والغمز واللمز كلها تحت مظلة الرأي أو في أفضل الأحوال: الطقطقة!
إن المفارقة الصارخة تكمن في أنهم يتحدثون عن التقارب بين الشعوب ثم لا يترددون في الهجوم على أي صوت شقيق يختلف معهم بالرأي.
يستعرضون مفردات الدبلوماسية الرياضية ثم ينهالون على خصومهم بخطاب يُشبه نشرات الحرب الباردة.
يطالبون بأن نكون قدوة للعالم ثم يُشاركون بفعالية في حفلات التصعيد والانفعال مستخدمين ألفاظًا لا تليق لا بالرياضة ولا بالإعلام الخلل هنا ليس في الشعار بل في مَن يرفعه.
القوة الناعمة ليست لافتة تجميلية نعلّقها في صدر الحوار لنبدو مثقفين بل ممارسة سلوكية تستند إلى العقل وتُبنى على احترام الرأي وتُدار بأخلاقيات رفيعة لا بحناجر مرتفعة.
من أراد فعلاً أن يكون جزءًا من قوة الوطن الناعمة فليبدأ بنعومة كلمته وصدق طرحه واحترامه لعقول المتلقين.
أما من يرى أن الإعلام الرياضي مجرد ساحة لصراخ الهواة واستعراض الولاء للميول فليتحدث عن الطقطقة لا عن القوة الناعمة.
لأن الشعارات الكبيرة حين تُمسكها الألسنة الخشنة… تتحول إلى مادة للسخرية لا أداة للتأثير.
ftms99@