كتبتُ تغريدة الصباح وأرسلتها وبينما كنت أنتظر أن تُنشر على حسابي ظهر لي فيديو لجارة القمر» فيروز» تبكي فقيدها بلحن حزين، استمعت لعِبَاراتها وعَبَاراتها فجاشت مخيلتي بأقاربي الأموات وانحدرت الدمعات متلاحقة ثم انهمرت عندما ثبتت صورة والدي وأخي صلاح – رحمهما الله – لوهلة رافضة طيوفهما أن تغادرني.
هذا الموقف الدامع ارتحل بي إلى سمفونية الحياة العجيبة التي تحدث في جسد الإنسان الذي لا يبقى على حال ولا ينصاع لكل جولات منازلة العمر، فالعين مثلا بعد عمر معين يحدث في معادلات نظرها خلل فهي إما لاترى القريب بوضوح أو لاترى القريب والبعيد معا و قد يُستثنى من ذلك من عاش بعيدا عن معاقرة الهاتف ومن مد في كل آن بصره إلى أبعد نقطة قد يصل إليها ليُرجع بصره ثم يطلقه تارة أخرى ، كالقلب مثلا قد يبقى فتيا خاليا من الأمراض لا يخل انضباط نبضاته داء الضغط أو مرض ما ولكن أحداث الزمن حفرت في قلبه آثار بقت شاهدة على معاناة غيرت شكله بطريقة ما ، كالعقل وإن سلم من الزهايمر تأتيه نوبات نسيان أو وقفات تسيطر عليها الأحزان أو مواقف تجعله يستعجب من أحوال الأقارب والأخلال فيصيبه من التغير مع تقدم العمر شيئا ما ، الجسد بكامله وإن أجرى من عمليات التجميل الصغرى أو الكبرى ما أجرى تشيخ فيه الأعضاء حتى من وهبهم الله بهيئة لاتبوح بعمرهم هناك دائما في جسدهم من سيفشي سرهم بطريقة ما.
ويبقى الصوت رفيق لا يتغير هذا ما لحظته خبراتي ؛ فقد يتغير شكل الشخص وقد تنسى اسمه و تتشكك عند رؤية ملامحه ولكن الصوت بنبرته المميزة دوما هو الدليل القائد لصاحبه ، ويحدث أن يلتبس عليك الصوت ولكن بعد وهلة تكتشف موطن الشبه فتصوب لبسك، هكذا كان صوت فيروز مضى من عمرها ما مضى وبقى صوتها بنبرته رفيق شاهد عليها و بإحساسه يقودك إليها.
*أظنها حقيقة : يموت الأموات حقا عندما لايجدون من يدعو لهم
ishe333@gmail.com