دماءٌ على نعليه

aldabaan@hotmail.com

يشتكي البعض من مشاكل مالية فتجده يسأل كل أحد ولكن لا يسأل من بيده رزق كل أحد. يبحث شاب عن الوظيفة فتجده يطرق باب بمن يستحق ومن لا يستحق ولكن رب العالمين لا يتوجه إليه.

عندما نقرأ سيرة سيد الخلق صلى الله عليه وعلى آله وسلم، نجد تواصلاً مع ربه في كل الأوقات، ومن ذلك ما حدث في تلك القصة المؤلمة عندما خرج النبي صلى الله عليه وسلم ماشياً إلى الطائف، ومعه زيد بن حارثة، وكان كلما مر على قبيلة دعاهم، فلم يستجب له أحد.

حتى انتهى إلى الطائف فقابل ثلاثة إخوة من رؤساء ثقيف، وهم عبد ياليل ومسعود وحبيب أبناء عمرو الثقفي، فجلس إليهم ودعاهم إلى الله ونصرة الإسلام، فقال أحدهم: هو يَمْرُط (يمزق) ثياب الكعبة إن كان الله أرسلك.

وقال الآخر: أما وَجَدَ الله أحداً غيرك، وقال الثالث: والله لا أكلمك أبداً، إن كنت رسولاً لأنت أعظم خطراً من أن أرد عليك الكلام، ولئن كنت تكذب على الله ما ينبغي أن أكلمك.

فقام عنهم متألماً وقال: “إذ فعلتم ما فعلتم فاكتموا عني”. وأقام صلى الله عليه وسلم بين أهل الطائف عشرة أيام، لا يدع أحداً من أشرافهم إلا جاءه وكلمه، فقالوا: اخرج من بلادنا، وأغروا به سفهاءهم، فلما أراد الخروج تبعه سفهاؤهم وعبيدهم يسبونه ويصيحون به، حتى وقفوا له صفين وجعلوا يرمونه بالحجارة، وبكلمات من السفه، ورجموا عراقيبه، حتى اختضب نعلاه بالدماء.

وكان زيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى أصابه شِجَاج في رأسه، ولم يزل به السفهاء كذلك حتى ألجأوه إلى حائط لعتبة وشيبة ابني ربيعة على ثلاثة أميال من الطائف، فلما التجأ إليه رجعوا عنه، وهنا جلس رسول الله صلى الله عليه وسلم تحت حُبْلَة من عنب مرهقاً متعباً متألماً، ورفع رأسه إلى السماء قائلاً بدعاء مؤثر: “اللهم إليك أشكو ضَعْف قُوَّتِي، وقلة حيلتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين، أنت رب المستضعفين، وأنت ربي، إلى من تَكِلُني؟ إلى بعيد يَتَجَهَّمُنِي؟ أم إلى عدو ملكته أمري؟ إن لم يكن بك عليّ غضب فلا أبالي، ولكن عافيتك هي أوسع لي، أعوذ بنور وجهك الذي أشرقت له الظلمات، وصلح عليه أمر الدنيا والآخرة من أن تنزل بي غضبك، أو يحل علي سَخَطُك، لك العُتْبَى حتى ترضى، ولا حول ولا قوة إلا بك”.

إلى من تكلني؟

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *