من غير المفهوم؛ وفي خضم التحولات الكبيرة التي يشهدها العالم اليوم على مستوى ارتفاع نسبة الوعي المجتمعي نتيجة التقدم العلمي والحضاري، وتأثيرات العولمة الإيجابية في إحداث التغيير والتقارب الثقافي والاجتماعي بين شعوب العالم، فإنه من غير المفهوم أن تُشكل الطائفية والأيدلوجية وصورها الأخرى دوراً وتأثيراً في حياة الشعوب العربية وتؤثر في قرارتهم ومستقبلهم؛ وحتى وإن نجحت الطائفية في بعض الأحيان في تحقيق أهدافها السياسية والاجتماعية على حساب التقارب الاجتماعي والسلمي إلا أنها في حقيقتها هي هزيمة تلبس ثوب النصر، إذ لا يمكن للطائفية أن تكون عامل بناء وتقدم.
مايحدث اليوم من نزاعات وصراعات تشهدها بعض دول المنطقة بين الأقليات العرقية والدينية وبين الأكثرية الشعبية نتيجة الاختلافات الدينية والطائفية والعنصرية يظل تخلفاً فكرياً واجتماعياً ينبغي أن ينتهي إلى الأبد، ولتمنح الشعوب نفسها فرصة في التركيز على مستقبلها ومستقبل أبنائها بعيداً عن هذه الآفة البشرية، والتي تُعد من أسوأ الإختراعات التي تبناه الإنسان فكرياً وأيدولوجياً، وتبقى وصمة عار في جبين الشعوب التي لاتزال متمسكها بها وتقاتل من أجلها، فهي لم تتخلص من معتقدات وقناعات فكرية خاطئة لم تثبت جدارتها او قدرتها على تحقيق أهداف الشعوب وتقدمها وتنميتها، بل بالعكس هي تقدم نفسها على المسرح الدولي والمشهد العام باعتبارها دول غير قادرة على مواكبة التطور العلمي والحضاري والخروج من مستنقع التخلف الفكري، والبقاء في دائرة الصراع.
إذا كانت مجتماعاتنا العربية والإسلامية فعلاً جادة في المساهمة في بناء مجتمع معرفي حيوي يرتكز على أسس مؤسساتي ومواطنة حقيقية متكاملة، ودول قادرة على خلق نسيج مجتمعي مترابط ومنسجم بعيداً عن التفرقة العنصرية، والتركيز على تهيئة وإعداد جيل منافس يهتم بالمسؤلية الاجتماعية والمحافظة على الهوية الوطنية والتمسك بالقيم الأخلاقية، لا بد من التخلص من آفة الطائفية والمناطقية وغيرها من ادوات التعصب الديني والطائفي، والتحول إلى مجتمع متعايش تحت مظلة الدولة الحديثة والمواطنة الصالحة، واعتبار الوعي والسلم المجتمعي ضرورة وطنية تحل محل الطائفية وأدواتها، وهذا يسهم في تحقيق التنمية المستدامة وتحقيق العدالة والمساواة الاجتماعية التي تضمن حقوق الإنسان والمساهمة الفاعلة في بناء المجتمع.
khaledaldandani@gmail.com