دروس التاريخ مشاعة وآلامها مرصودة في كل صفحة تقريباً. ومع ذلك يمر عليها المزايدون، وكأنهم غير معنيين، إذ تعميهم شهوة الطمع الجشعة من التمعن في الدروس وتدبر العبر.
لو تدبر كثير من المزايدين الضالين في العراق وسوريا ولبنان وفلسطين وحتى في ليبيا والسودان، لما أدخلوا أنفسهم وبلدانهم في أتون المحارق والمواجهات الخاسرة.
الآن انتهت حفلة المزايدات الإخوانية في غزة، وتلقت حماس والحرس الثوري الإيراني، والإخوان الدروس القاسية، لكن بعد فوات الأوان، وبعد شلالات من الدماء وشلالات أخرى من السيول الخطابية العاطفية المسمومة والشتامة، وبعد أن تحولت المدن الزاهية إلى أطلال، بفعل تحالف وحشية إسرائيل وانتهازية حماس وحزب الله.
كان يمكن لقادة حماس وحزب الله أخذ عبر لا تقدر بثمن، من ضلالية القذافي وعته بشار الأسد، وتهورات صدام حسين. لكنهم، بدلاً من التدبر، انتهجوا التفكير الخطأ، وأطلقوا العنان للمزايدات الإعلامية، ليواجهوا ترسانة إسرائيل بأسلحة بالية وخطابيات حلمنتشية، وضجيج ينفث المزيد من المخدرات الفكرية والأوهام في مخيخات الأتباع. وفي نفس الوقت تقدم المبررات للوحشية الإسرائيلية لاحتلال وتدمير منهجي في لبنان وغزة وإمعان حاقد في القتل وسفك الدماء.
وفي الحقيقة فإن تدمير غزة وقتل سكانها، ليست مسؤولية إسرائيل وحدها ولا مسؤولية حماس وحدها، ولا مسؤولية الحرس الثوري الإيراني وحده، بل المسؤول الحقيقي والأكثر تأثيراً هو الأبواق الإخوانية التي دفعت حماس دفعاً لمواصلة القتال ومنعتها من أن تجنح لصوت العقل وتتصرف بحكمة وتعصم دماء الغزاويين مبكراً.
في الوقت الذي كنا، والأصوات العاقلة الواقعية، نحذر حماس من التمادي في الضلال والتعامي عن الحقائق، وألا تستمر في إعطاء الوحشية الإسرائيلية المبررات لإمعان الفتك بسكان غزة، كان شيوخ الإخوان وموالي حزب الله، ومكائنهم الضلالية الضجاجة، تتهمنا بالصهينة، وتحرض حماس، بأسلوب جنوني، على الاستمرار في حرب خاسرة، على الرغم من ضعف الإمكانات القتالية لحماس، والخسائر البشرية الموجعة والتدمير المهول لمدن غزة.
*وتر
تذرع البهية الثكلى أطلال المدينة المروعة،
تعبر شوارع تفقد معالمها..
تبحث عن حبيب غيبه الظلام،
ربما في قبر مجهول، تحت أثقال أنقاض تتهدم..
أو جسداً مسجى في مشفى..
mal3nzzi@gmail.com