التنوع والاختلاف

التنوع والاختلاف سمتان أساسيتان في الحياة الإنسانية، وهما موجودان في كل جانب من جوانب الوجود، من الطبيعة إلى المجتمعات البشرية. التنوع لا يعني فقط اختلافات في الشكل أو اللون أو الثقافة، بل هو قوة تُغني التجربة الإنسانية وتُضيف عمقًا للمجتمعات. في عالم يتجه نحو العولمة والترابط المتزايد، يُصبح فهم قيمة التنوع والاختلاف أمرًا ضروريًا لبناء مجتمعات أكثر قوة وشمولية وتفاهمًا..!!
إن التنوع والاختلاف في حياة الأفراد والمجتمعات حقيقة لا يجادل فيها أحد بل يمكن اعتبارها مسلَّمة من المسلمات، ولكن التحدي الحقيقي هو قبول هذا التنوع والاختلاف والتعايش معه بحيث يؤدي إلى إثراء الحياة الإنسانية والارتقاء بها نحو الأفضل وليس تحويل هذا التنوع والاختلاف إلى ميدان تناحر وفرقة و تتشتت..!!
وقد ذكر الله في كتابه عن اختلاف الناس في: خَلْقهم، وخُلُقهم، ومَلكاتهم، وخصائصهم، وألوانهم، ولُغاتهم، وطرائق تفكيرهم، وقدراتهم الإدراكية؛
«مِنْ آيَاتِهِ خَلْقُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافُ أَلْسِنَتِكُمْ وَأَلْوَانِكُمْ إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآيَاتٍ لِلْعَالِمِينَ» – الروم- .
ينحدر الإنسان من أعراق وأجناس وقوميات متنوعة قد يختلف في السلوك والمظهر ولكنه ينحدر من نوع واحد وهو «الإنسان». فالتنوّع ظاهرة كونية في آفاق السماء، وهو أصل أصيل في الكيان البشري، والتنوّع ثروة إنسانية ينبغي ألا تكون مصدرًا للنزاع ونبذ الآخر بل سبيلٌ إلى توسيع الأرضية المُشتركة التي يشترط تحققها الاعتراف بالآخر..!!
إن اختلاف عناصر ومكونات المجتمع. والاختلاف بين البشر في الأفكار والمعتقدات والعادات والتقاليد ليس أمرًا غريبًا، بل هو الشكل الطبيعي للحياة، ولكن الغريب حقًا محاولة البعض جعل الناس كلهم يؤمنون بفكر واحد وثقافة واحدة ومعتقد واحد وقيادة واحدة، لا ينسلخ الإنسان من تراثه وتاريخه ودينه، ولا يمكن لأحد أن ينسلخ من عاداته وتقاليده، ولما كانت الظروف التي يعيشها البشر وبيئاتهم ومستوى وعيهم وثقافتهم وتجاربهم في الحياة مختلفة، فلا بد من الطبيعي أن يكون الاختلاف في أفكارهم وآرائهم ووجهة نظرهم..!!
إن الاختلاف في الفكر والرأي مصدر قوة، له دور كبير في إثراء التنوع الثقافي بالمجتمع، وأن المشكلة ليست في الاختلاف بل في طريقته وآليته وأساليبه. لو أصبح الشعب يمتلك نظرة وفكرا واحدا لما حصل الشعب على التقدم والتطور، فالاختلاف يمثل نقطة قوة في الأفكار والآراء والثقافات والجنسيات..!!
التنوع والاختلاف ضرورة حضارية على مستوى الأفراد وعلى مستوى الأقوام والشعوب والحضارات، والأمة الإسلامية تملك رصيداً ضخما من القيم الهادفة وتوجيهات الإسلام وهذه القيم كفيلة عند استثمارها أن تنمي فلسفتها الحضارية الإنسانية وتتسابق مع أمم الأرض في بناء حضارة إنسانية و يساعد الأمم على اكتشاف سر التقدم والتطور، والاختلاف في الأفكار والآراء والطرق والسبل هو من أهم الوسائل للوصول إلى النهضة، فالاختلاف قوة حضارية وطاقة إنسانية تساهم في تحقيق التقدم والارتقاء..!!
شمعة مضيئة:
الفارق بين الاختلاف هو أن الاختلاف مثل القوس قزح من الألوان يمثل فرادة وجمالاً مميزاً لا يتكرر وهكذا في الاختلاف نرى تعدد الإشكال والأفكار وغنى التجارب والثقافات.. أما التنوع، فيشبه اللوحة الفنية المكونة من كل تلك الألوان المتنوعة، حيث تتجسد فيها الثقافات المختلفة، والجمال العالمي للتنوع في العادات والتقاليد واللغات..
ففي الاختلاف نرى الفرادة والتمييز، وفي التنوع نعيش جمال العالم المتعدد الألوان والثقافات المتنوعة..
التنوع والاختلاف جزء لا يتجزأ من الحياة الإنسانية، وهما يُمكن أن يكونا قوة إيجابية تُغني المجتمعات وتُعزز التفاهم والتعاون، من خلال تقدير واحترام التنوع، وتعزيز الحوار والتفاعل الإيجابي..»
من محطة التنوع والاختلاف أحدثكم.. قلمي
sa1982mu@gmail.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *