في الأسبوع الماضي، أعلنت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالتعاون مع وزارة العدل عن اعتماد «بنود الأجر» في عقد العمل الموثق كسندًا تنفيذيًا، وذلك في خطوة نوعية تهدف إلى تعزيز حماية الحقوق في سوق العمل، وترسيخ مبادئ الالتزام والإنصاف بين أطراف العلاقة التعاقدية، وتأتي هذه الخطوة امتداداً لمبادرة «العدالة الوقائية» التي تعمل عليها وزارة العدل لتطوير المنظومة العدلية في المملكة، وفي هذا المقال سأتطرق عن أهميتها وتأثيرها على سوق العمل.
العدالة الوقائية هي مفهوم قضائي حديث يركز على منع النزاعات قبل وقوعها، بدلاً من الاكتفاء بالتدخل بعد وقوع الخلافات، وهي عدالة حمائية تستهدف ضمان الحقوق وإزالة مسببات النزاع، وإعطاء التعاقدات والإجراءات الموثوقية دون الحاجة إلى اللجوء للقضاء، وتطبيق هذا المفهوم على سوق العمل له تأثير إيجابي على رفع مستوى الثقة في التعاقدات وتعزيز قيمة الالتزام، بالإضافة إلى دعم وتحسين البيئة الاستثمارية في المملكة، ومن خلال ما تم الإعلان عنه سيتم الربط المباشر بين منصات وزارة الموارد البشرية ووزارة العدل لإنفاذ «بنود الأجر» في العقود العمالية الموثقة فوراً.
في السابق؛ عند نشوب نزاع عمالي بين العامل وصاحب العمل يتعلق بالأجر، كان الإجراءات تستغرق وقتاً ليس بالقليل للبت فيها من خلال رفع الدعاوى القضائية وإثبات المطالب، أما الآن مع الإعلان عن اعتماد «بنود الأجر» في عقد العمل الموثق بين العامل وصاحب العمل كسند تنفيذي، ستكون عملية استيفاء الحقوق أكثر مرونة وأسرع معالجة، حيث أن «بنود الأجر» ستصبح بمثابة حكم قضائي يتم تنفيذه مباشرة، وستكون هذه الآلية بمثابة شهادة واقعية تُظهر التزام المملكة بمعايير العمل الدولية، وتؤكد على أن سوق العمل السعودي أصبح بيئة جاذبة وعادلة للجميع.
نحن على قرب من احتضان العديد من المناسبات العالمية التي ستكون حديث العالم وتستقطب أنظار وسائل الإعلام العالمية، وسيصاحب ذلك تأسيس العديد من المشاريع التي من خلالها سيدخل لسوق العمل السعودي اعداداً ليست بالقليلة من العمالة «المحلية والوافدة»، ومنذ الإعلان عن رؤية المملكة نجد تطورات وإصلاحات عديدة بإلاضافة لمبادرات مميزة تم تطبيقها في سوق العمل, وأشادت فيها الكثير من المنظمات الاقتصادية المهتمة بأسواق العمل، ولكن للأسف في الفترة الماضية مع كل تقدم ونجاح يتم الإعلان عنه يخص سوق العمل السعودي، نجد هناك جدل كبير حول تداعيات حقوق العمالة، ونرى حملات عديدة حول عدم توفير حماية كافية لحقوق العمالة، بالرغم من تطبيق العديد من المبادرات مثل «تحسين العلاقة التعاقدية، توثيق العقود إلكترونياً، حماية الأجور، المنتج التأميني».
المملكة تعمل بشكل مستمر على تحسين بيئة ومناخ الأعمال لاعتبارات عدة، من أهمها جذب ثقة المستثمرين الأجانب لضخ استثمارات أجنبية، وتحسين ترتيب المملكة في العديد من المؤشرات التنافسية الدولية خاصة المتعلقة في أسواق العمل، وهذا التوجه له تأثير إيجابي لتحسين سمعة سوق العمل السعودي دولياً بالإضافة لتحسين ترتيب المملكة في الكثير من المؤشرات التنافسية الدولية، وذلك من خلال تحوله لسوق عمل أكثر عدلاً ومساءلة، ويعزز من ثقافة الاحترام المتبادل بين أصحاب العمل والموظفين، ويساهم ذلك في بناء سوق عمل «جاذب، منظم، مستقر».
ختاماً؛ مهما حققنا من إنجازات في سوق العمل خاصة المتعلقة في «حقوق العمالة»، سنجد اتهامات وتشكيك من أعداء النجاح الخارجين الذي يتمنون أن يصل سوق عملهم لمستوى سوق العمل السعودي، وما تم الإعلان عنه يستحق الإشادة به لإبراز الجهود الحقيقية التي تبذلها المملكة لتحسين ظروف العمل، وعلينا جميعاً أن نفتخر بما وصلنا له اليوم من إصلاحات في سوق العمل.
مستشار موارد بشرية
khaled@econsult.com.sa