أشعل الأسطورة الفرنسية زين الدين زيدان قلوب الجماهير الإيطالية خلال مشاركته في مهرجان سانتا كيّارا بمدينة ترينتو، حيث امتلأت القاعة عن آخرها بعشاقه، من بينهم عدد كبير من الأطفال، الذين تزاحموا للحصول على توقيعه أو التقاط الصور معه.
وتحدث زيدان خلال اللقاء، الذي أدار الحوار فيه الكاتب الإيطالي والتر فلتورني، عن مشواره الرياضي منذ بدايته في شوارع مرسيليا حتى وصوله إلى قمة المجد مع يوفنتوس وريال مدريد، كاشفًا العديد من الأسرار عن مسيرته داخل وخارج الملعب.
ذكريات الطفولة والبدايات في مرسيليا
استعاد زيدان ذكرياته قائلاً: “مثل كل الأطفال، بدأت اللعب في شوارع مرسيليا، كنت أعشق الكرة وأتدرب في الشوارع مع الأصدقاء. كنت أشجع أولمبيك مرسيليا، وكانت جدران غرفتي مليئة بصور بلاتيني وأمورس. لم أتدرب على لمس الكرة بتلك الطريقة الناعمة، جاء ذلك بشكل طبيعي. عملت كثيرًا على تطوير قدمي اليسرى والكرات الرأسية، وكان والدي دائمًا يقول لي: بدون تعب لا يمكن أن تصبح بطلًا”.
كما تحدث عن جذوره الجزائرية قائلًا: “والداي جزائريان، جاءا إلى فرنسا بحثًا عن عمل. والدي يبلغ الآن 90 عامًا، ورغم التعب ما زال عقله حاضرًا. كان يروي لنا كيف كان يشعر بالبرد في شوارع باريس ولا يجد الدفء إلا في المترو. أنا محظوظ لأنني عشت حياة مختلفة، وأحاول أن أعلّم أولادي القيم نفسها: الاحترام والصدق”.
سنوات المجد في يوفنتوس
واستذكر زيدان فترة تألقه في صفوف يوفنتوس الإيطالي قائلاً: “سنواتي في يوفنتوس كانت رائعة. هناك تعلمت أن الفوز واجب دائم، وليس خيارًا. في فرنسا يمكنك أن تخسر دون مشكلة، لكن في يوفنتوس لم يكن ذلك مقبولًا”.
وأضاف مبتسمًا: “كثيرًا ما كنت أتلقى اتصالًا من الرئيس جياني أنييلي في السادسة صباحًا بعد المباريات، فقط ليقول لي بالفرنسية: برافو، ثم يغلق الهاتف. كان عاشقًا لكرة القدم ويعرف أدق تفاصيلها”.
وعن زميله السابق أليساندرو دل بييرو قال: “كان لاعبًا مذهلًا، أحد الأفضل في إيطاليا، وكانت بيننا كيمياء رائعة داخل الملعب. أما أصعب لحظة فكانت عندما حاول بعض الجماهير الاعتداء عليّ بعد خسارة، فتدخل زملائي مونتيرو وفونسكا للدفاع عني”.
الانتقال إلى ريال مدريد وبداية المجد الجديد
تحدث زيدان عن انتقاله إلى ريال مدريد قائلًا: “كنت في حفل بموناكو مع فلورنتينو بيريز، وأعطاني ورقة كتب عليها: هل تريد أن تأتي إلى مدريد؟ حينها كنت في الثلاثين من عمري، فقلت لنفسي: الآن أو أبدًا”.
وأضاف ضاحكًا: “يقال إن فيجو لم يكن يمرر لي الكرة في البداية، لكني كنت آخذها بنفسي!”.
من اللاعب إلى المدرب
عن تحوله إلى التدريب، قال زيدان: “بعد اعتزالي كنت أظن أنني لن أصبح مدربًا أبدًا. لكن بعد ثلاث سنوات من الراحة والسفر، بدأت أشعر أن شيئًا ما ينقصني. درست التدريب لمدة ثلاث سنوات، واكتشفت أنني أحب هذا المجال”.
وأوضح: “تعلمت الكثير من المدربين الذين تعاملت معهم، خاصة مارشيلو ليبي الذي كان يؤمن بي رغم الانتقادات. كما كان كارلو أنشيلوتي مهمًا جدًا في مسيرتي، لأنه يعرف كيف يستمع للاعبين”.
وأكد زيدان أن “المدرب الناجح يصنع 80% من قوة الفريق، لأنه ينقل طاقته للاعبين ويزرع فيهم الثقة”.
عن القيم واللاعبين الذين يحبهم
وعن أسلوبه وشخصيته داخل الملعب قال: “كنت دائمًا هادئًا ومتوازنًا. أحب اللاعبين المتواضعين الذين يجعلون الكرة تتحدث عنهم مثل كروس ومودريتش. اليوم أكثر من يثير إعجابي هو لامين يامال، لاعب برشلونة، يملك موهبة استثنائية رغم صغر سنه”.
حلم تدريب فرنسا
أما عن مستقبله التدريبي، فقد ترك الباب مفتوحًا قائلاً: “علاقتي بيوفنتوس مميزة جدًا، لكن لم يُكتب لنا أن نعمل معًا من جديد، فقد اتخذ النادي خيارات أخرى. ومع ذلك، يبقى في قلبي دائمًا. أما الآن، فحلمي هو تدريب منتخب فرنسا، هذا ما أتمناه في المستقبل”.