عندما نتحدث عن الاقتصاد السعودي، فإن أول ما يتبادر إلى الذهن هو القطاع الصناعي، الذي بات يشكّل اليوم أحد أعمدة الاقتصاد الوطني، ورافعة تنموية تكتسب زخمًا متسارعًا، مدعومًا برؤية استراتيجية واضحة، وتطوير مستمر؛ في ضوء مستهدفات رؤية المملكة 2030.
قراءة في الأرقام
إذا ما عدنا إلى لغة الأرقام – التي لا تجامل – سنجد أن مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي قد شهدت نموًا لافتًا خلال السنوات الأخيرة. الصادرات الصناعية غير النفطية سجّلت معدلات تصاعدية تجاوزت نسبًا تاريخية، مما يعكس تحولًا هيكليًا في الاقتصاد، وحيوية أكبر.
فعلى سبيل المثال؛ سجل الرقم القياسي العام للإنتاج الصناعي في المملكة العربية السعودية ارتفاعا خلال شهر أغسطس 2025 بنسبة 7.1% مقارنة بنفس الفترة من عام 2024. وبلغة الاقتصاد أيضاً، نحن أمام قطاع قادر على امتصاص الصدمات، والمساهمة في استقرار النمو، خاصة في ظل التطورات العالمية وتقلبات أسعار الطاقة.
نجاح القطاع الصناعي لم يأتِ من فراغ؛ فهنالك عوامل تمكين واضحة على الأرض، لعل من أبرزها: التشريعات المحفزة التي أُقرت لتسهيل الاستثمار الصناعي، وحيوية الصندوق الصناعي السعودي الذي ضخ تمويلات استراتيجية لشركات محلية واعدة، هذا بالإضافة إلى توسعة المدن الصناعية، وتوفير البنية التحتية المتقدمة عبر “مدن”.
كما تأتي مبادرة “صنع في السعودية” لتعزيز الهوية الصناعية الوطنية، وتحفيز الطلب المحلي والدولي على المنتجات السعودية، كأبرز عوامل التمكين.
التوطين والاستدامة
من زاوية أخرى، القطاع الصناعي أثبت قدرة عالية على توطين الوظائف، وتدريب وتأهيل الكفاءات الوطنية، مما يجعله أحد أكثر القطاعات ارتباطًا بمفهوم التنمية المستدامة.
بكل تأكيد نحن نتحدث عن صناعة سعودية قادرة على التصدير، وجذب الاستثمار الأجنبي، وخلق فرص وظيفية، وتنمية المحتوى المحلي، وجميعها مستهدفات تواكب مرتكزات الرؤية الوطنية الطموحة.
خلاصة القول، إن القطاع الصناعي السعودي لم يعد قطاعًا تقليديًا، بل تحوّل إلى محرّك رئيس للنمو الاقتصادي المستدام، ومجال تنافسي جديد تسعى المملكة من خلاله لتبوّؤ موقع متقدم ضمن الاقتصادات الصناعية التي تنمو بكل قوة.
نستطيع القول إن حيوية القطاع الصناعي لم تعد تُقاس فقط بحجم المصانع أو عدد التراخيص، بل بما يمثله من قيمة مضافة حقيقية للاقتصاد الوطني، وهو ما نشهده اليوم واقعًا ملموسًا، لا مجرد خطط مرسومة.
تسير المملكة العربية السعودية.. بخطى ثابتة نحو اقتصاد متنوع ومستدام، يكون فيه القطاع الصناعي شريكًا حقيقيًا في مسيرة النمو.
alfaleh222@yahoo.com