قال تقرير: إن السعودية والإمارات تتصدر دول الخليج في تنفيذ مشاريع بطاريات تخزين الطاقة على نطاق واسع، إذ تستضيف دول الخليج بعضا من أكبر مناقصات أنظمة بطاريات تخزين الطاقة في العالم.
وأضاف التقرير، أن بطاريات تخزين الطاقة أصبحت بالغة الأهمية في عملية تحول الطاقة في الشرق الأوسط، إذ تسد الفجوة بين توليد الطاقة الشمسية وطاقة الرياح الوفيرة -ولكن المتقطعة- والطلب الكبير.
بطاريات تخزين الطاقة
ومن وجهة نظر وكالة «إس آند بي جلوبال للتصنيفات الائتمانية»، أصبحت أسواق منطقة الخليج من أكثر الأسواق الديناميكية لبطاريات تخزين الطاقة على مستوى العالم.
ووفقا للوكالة: تستهدف السعودية الوصول إلى سعة 48 جيجاواط/ساعة بحلول عام 2030.
وتنفذ السعودية المشاريع بوتيرة سريعة، وفوضت أو تعاقدت على إنجاز العديد منها في العام الماضي وحده.
وأوضح التقرير أن بطاريات تخزين الطاقة تصبح سريعًا ركيزة أساسية لإستراتيجيات الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي.
خفض الانبعاثات
وبحسب التقرير، تعمل دول مجلس التعاون الخليجي على تسريع إستراتيجياتها للتحول في مجال الطاقة بما يتماشى مع أهدافها طويلة الأجل الرامية إلى الحد من الانبعاثات وتنويع اقتصاداتها وتعزيز قدراتها في مجال الطاقة.
وفي حين أن الوقود الأحفوري لا يزال يهيمن على مزيج الطاقة الإقليمي، فإن التوسع في مشاريع الطاقة المتجددة، والدعم التنظيمي المتزايد، والزيادة المستمرة في النشاط الاستثماري تظهر التزامًا قويًا متزايدًا بالطاقة النظيفة.
ويسهم الطلب المتزايد من البنية التحتية للذكاء الاصطناعي ومراكز البيانات في تسريع هذا التحول، فيما يتطلب ذلك طاقة كهربائية واسعة النطاق وجاهزة وعالية الموثوقة.
رؤية السعودية
وتسلط رؤية السعودية 2030 الضوء على هذا التحول بوضوح. وفي حين تظل المملكة منتجًا رئيسيًا للنفط والغاز، فقد أصبحت الاستدامة ركيزة أساسية لإستراتيجيتها الاقتصادية طويلة الأجل.
وقال التقرير: إن السعودية تستهدف توليد 50% من الطاقة من مصادر متجددة بحلول عام 2030، على أن يأتي الباقي من محطات عالية الكفاءة تعمل بالغاز.
وتمنح الموارد الشمسية الوفيرة، وتوافر مساحات واسعة من الأراضي، بالإضافة إلى توافر الرياح، المنطقة ميّزة طبيعية في تطوير الطاقة النظيفة.
ويرى التقرير، أن قدرة حكومات دول مجلس التعاون الخليجي على إطلاق العديد من المشاريع بقدرات جيجاواط سنويًا تعكس الثقة المتزايدة بين المستثمرين المحليين والأجانب وأطر الشراء المتطورة للطاقة.
وأفاد بأن مع ذلك، فإن الحصة المتزايدة من مصادر الطاقة المتجددة المتقطعة في مزيج توليد الطاقة تثير أيضًا تحديات على مستوى النظام. وعادةً ما يصل الطلب على الطاقة في المنطقة إلى الذروة في المساء، عندما ينخفض إنتاج الطاقة الشمسية.
ولفت إلى أن هذا التفاوت بين توقيت توليد الطاقة والطلب يعني أن مصادر الطاقة المتجددة بدون موارد مرنة لا تستطيع توفير الطاقة بموثوقية.
نظام منخفض الكربون
وأوضح أن معالجة هذا التحدي أصبح الآن يمثل أولوية بالنسبة للسياسة والاستثمار. وفي هذا السياق، توجد دفعة قوية لأنظمة بطاريات تخزين الطاقة (BESS)، ليس فقط كإضافات اختيارية، ولكن كعوامل تمكين لأمن الطاقة ومرونة الشبكة في نظام منخفض الكربون.
وذكر التقرير أن الزخم يتزايد في مختلف أنحاء المنطقة وتتوسع المشاريع وخطوط المشتريات، فيما أصبحت بطاريات تخزين الطاقة أمرًا بالغ الأهمية لتوفير طاقة نظيفة وموثوقة على مدار الساعة. ومع تزايد أهمية مصادر الطاقة المتجددة في دول مجلس التعاون الخليجي، أصبح التخزين على نحو متزايد يحدد الطريقة التي تُصمم بها وتُمول وتُشغل أنظمة الطاقة. ويساهم انخفاض تكاليف البطاريات في تعزيز الاستثمار في هذا المجال.
وبحسب التقرير، يعزز انخفاض أسعار البطاريات الحالة الاقتصادية للتخزين في جميع أنحاء دول مجلس التعاون الخليجي.
وأوضح أن مع توسع الحكومات في مشاريع الطاقة المتجددة، أصبح التخزين تنافسي من حيث التكلفة ضروريًا لضمان مرونة الشبكة واستقرار إمدادات الطاقة النظيفة القابلة للتحكم.
ولفت إلى أن الانخفاض المستمر في الأسعار يعد أحد أهم العوامل المساعدة على تبني مشاريع بطاريات التخزين على نطاق واسع.
وأضاف أن على مدى العقد الماضي، انخفضت أسعار بطاريات أيونات الليثيوم بنسبة تزيد عن 80%، مدفوعة بالطلب العالمي على المركبات الكهربائية، والتصنيع واسع النطاق، والتقدم المطرد في تصميم وأداء ومتانة البطاريات.
ويعد هذا المسار من حيث التكلفة بالغ الأهمية بالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، وتعد تكلفة الطاقة الشمسية الكهروضوئية من بين الأدنى في العالم – غالبًا أقل من 0.02 دولار أمريكي لكل كيلوواط/ساعة.
طاقة نظيفة
وقال التقرير: إن تزايد الجمع بين الطاقة الشمسية ذات التكلفة المنخفضة للغاية والتخزين بأسعار معقولة يسمح للمنطقة بإنتاج طاقة نظيفة بأسعار تنافسية للغاية، مما يعزز موثوقية الشبكة وكفاءة التكلفة على المدى الطويل. وتجعل هذه الديناميكيات أنظمة بطاريات تخزين الطاقة استثمارًا مجديًا اقتصاديًا للمطورين والحكومات على حد سواء.
وتسلط المناقصات الأخيرة في السعودية الضوء على حجم هذا التحول، فيما منحت الشركة السعودية للكهرباء مشروعين لتخزين الطاقة بقدرة 2 جيجاواط/ساعة في تبوك وحائل، وبلغت أسعار البطاريات نحو 72 دولارًا /كيلوواط في الساعة، وهو ما يقل بنحو 56% عن المتوسط العالمي البالغ 165 دولارًا /كيلوواط في الساعة، وفقًا لتقديرات بلومبرغ إن إي إف.
وبلغت أسعار المشروع الجاهز، بما في ذلك تكاليف الهندسة الكاملة والمشتريات والبناء، نحو 120 دولارًا /كيلوواط في الساعة.
وعلى الصعيد العالمي، قبل عام 2024، ظل تكلفة نظام البطاريات تخزين الطاقة المرتبط بالطاقة المتجددة أكبر من تكلفة مصادر الطاقة الأساسية التقليدية مثل الغاز.
وحتى عام 2017، بلغت التكلفة المستوية للكهرباء من الطاقة الشمسية الكهروضوئية الموصولة بنظام بطارية بقدرة 4 ساعات ما يقرب من 231 أمريكيًا لكل ميجاوات في الساعة، مقابل نحو 84 دولارًا لكل ميجاواط في الساعة للغاز الطبيعي. وأدى الانخفاض السريع في التكاليف منذ ذلك الحين إلى تحسن ملموس في القدرة التنافسية.
وبحلول عام 2024، انخفضت تكلفة الطاقة الشمسية والتخزين إلى نحو 59 دولارًا /ميجاواط في الساعة، في حين ظل الغاز عند نحو 82 دولارًا /ميجاواط في الساعة. وانخفضت تكلفة الطاقة الشمسية الكهروضوئية بمفردها بحدة أكبر، من نحو 417 دولارًا لكل ميجاواط في الساعة في عام 2010 إلى أقل من 40 دولارًا لكل ميجاواط في الساعة اليوم.
ولفت إلى أن هذا التراجع في الفجوة يجعل التخزين المرتبط بالطاقات المتجددة أقرب إلى اقتصاديات الحمل الأساسي عامًا بعد عام، متوقعا أن تستمر تكاليف البطاريات في الانخفاض، مما يُرسخ أكثر أهمية التخزين كمحرك لتوفير الكهرباء بتكلفة أقل.
وفي حين تظل أسعار البطاريات العالمية عرضة لتقلبات تكاليف المواد الخام والمكونات، توقع التقرير أن تعمل أحجام المشتريات المتزايدة على تعزيز الجدوى التجارية للتخزين في جميع أنحاء المنطقة. وبالنسبة للمطورين وصناع السياسات على حد سواء، فإن انخفاض الأسعار بسرعة يجعل البطاريات عنصرًا أساسيًا في التخطيط للطاقة على المدى الطويل.
مزيج الطاقة
وتساهم مشاريع الطاقة المتجددة المتنامية في دول مجلس التعاون الخليجي في إحداث تحول في مزيج الطاقة في المنطقة. والمحرك الرئيسي وراء ذلك هو الطاقة الشمسية الكهروضوئية، مع دخول طاقة الرياح أيضًا في أسواق مثل السعودية.
وفي بلدان مثل المملكة العربية السعودية، تظل صادرات الطاقة تشكل عنصرًا أساسيًا في الاقتصاد، يسمح تخزين الطاقة بتحسين استخدام الموارد المحلية، مما يفسح المجال لتصدير الغاز أو النفط، بينما تغطي مصادر الطاقة المتجددة الطلب المحلي بفعالية أكبر. كما أن استخدام بطاريات تخزين الطاقة يتزايد على حساب توليد الطاقة المعتمد على النفط خلال ساعات الذروة.
ويساعد هذا على تقليل استهلاك النفط محليًا ويسمح بتخصيص موارد الطاقة بكفاءة أكبر. وبلغت ذروة الحمل الكهربائي في السعودية 60 جيجاواط في عام 2018، ومن المتوقع أن ترتفع إلى 100 جيجاواط بحلول عام 2030.
وكان توليد الطاقة المعتمد على النفط يلبي تقليديًا معظم هذا الطلب، ويتوقع أن يتزايد دور أنظمة بطاريات تخزين الطاقة كبديل قابل للتطوير لمحطات توليد الطاقة النفطية، ودعم تحسين الوقود والمساهمة في أهداف إزالة الكربون بعيدة المدى.
وتوقع التقرير أن تصبح منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا سادس أكبر سوق في مشاريع بطاريات تخزين الطاقة بحلول عام 2035، مع وصول القدرة التراكمية إلى نحو 46 جيجاواط/157 جيجاواط في الساعة.
ويأتي ذلك في أعقاب توسع المناقصات الكبيرة والالتزام بسياسة طموحة في عام 2024، مع تصدر السعودية والإمارات في تنفيذ المشاريع على المستوى الإقليمي.
وقال التقرير: إن السعودية تسعى إلى الوصول إلى 48 جيجاواط/ساعة من الطاقة المخزنة بالبطاريات بحلول عام 2030.
مناقصات تنافسية
وتماشيًا مع هذا الهدف، أطلقت الشركة السعودية لشراء الطاقة مناقصة تنافسية في أواخر عام 2024 لأربعة مشاريع بطاريات عملاقة على مستوى المؤسسات الخدماتية -كل منها بحجم 500/2 جيجاواط في الساعة- بسعة إجمالية تبلغ 8 جيجاواط ساعة.
وجذبت المناقصة أكثر من 30 متقدم مؤهل مسبقًا وستُشيّد وفقًا لنموذج البناء والتملك والتشغيل طويل الأمد.
وبالتوازي مع ذلك، وقعت الشركة السعودية للكهرباء عقودًا لتوفير 12.5 جيجاواط/ساعة إضافية من الطاقة المخزنة بالبطاريات عبر 5 مواقع، وهي الرياض والجوف والدوادمي والقيصومة ورابغ، على أن تُسَّلم بين أواخر عام 2025 وأوائل عام 2026.
وتدعم شركات تصنيع صينية مثل “بي واي دي” و”صن غرو” هذه المشاريع، مما يساعد المملكة على تحقيق طموحاتها في مجال التخزين.
وفي يناير 2025، بدأت السعودية بتشغيل منشأة بيشة لتخزين الطاقة -وهو مشروع بقدرة 500/2 جيجاواط في الساعة، إذ يتكون من 122 وحدة مسبقة الصنع- وهو أكبر نظام تخزين طاقة أحادي الطور عامل في العالم.
وأُنجز المشروع في غضون 11 شهرًا فقط، وهو ما يوضح السرعة التي يمكن بها تنفيذ المشاريع الكبيرة لتخزين الطاقة إذا توافرت الظروف التنظيمية المواتية وكانت إجراءات التسليم سلسة.
ويعكس هذا الإنجاز مستوى التطور المتزايد لنظام بطاريات تخزين الطاقة في السعودية والقدرة المتنامية للبلاد على تنفيذ مشاريع معقدة على نطاق واسع.
وتشير هذه الجهود مجتمعة إلى أن السعودية لا تعمل على توسيع نطاق بطاريات تخزين الطاقة فحسب، بل تعمل أيضًا على دمجها في نظام الطاقة طويل الأجل الخاص بها.
وفي الوقت نفسه، يتجه القطاع نحو تصميم أنظمة بطاريات أكثر قابلية للتكيف ونماذج الاستخدام الفوري. وتساعد هذه التصاميم والنماذج على تخفيف القيود اللوجستية -مثل حجم الشحنة ووزنها- وقد تساعد في إنجاز المشاريع بسرعة ومرونة أكبر. ويعزز هذا الاتجاه قابلية التوسع ويدعم الثقة في موثوقية التخزين على المدى الطويل في جميع أنحاء المنطقة.
ومن بين العوامل الهيكلية المهمة وراء هذا الزخم انتقال المنطقة المستمر من تحلية المياه بالطرق الحرارية إلى تحلية المياه بالتناضح العكسي.
ولفت التقرير إلى أن الموجة الحالية من عمليات شراء البطاريات الكبيرة تعكس أكثر من مجرد التفاؤل بشأن انخفاض تكاليف التكنولوجيا.
ويشير ذلك إلى تحول أوسع نطاقًا في تصميم أنظمة الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي، بدعم من الأهداف الوطنية للطاقة المتجددة، والمناقصات الخاصة بالتخزين، والبيئات التنظيمية الداعمة. وأصبحت بطاريات تخزين الطاقة للمرافق العامة عنصرًا أساسيًا في أطر سياسات الطاقة طويلة الأجل وإستراتيجيات الطاقة الوطنية.
وتسهم الشراكات بين القطاعين العام والخاص بدور رئيسي في مواءمة رأس المال الخاص مع أهداف الطاقة الوطنية. وفي هذا السياق، توفر الكيانات الحكومية الأراضي، أو عقود الشراء، أو الإجراءات التنظيمية الواضحة، في حين يقدم المطورون من القطاع الخاص الخبرة الفنية والانضباط التشغيلي.
قوة ائتمانية
وأشار التقرير إلى أن هذا النموذج قوة ائتمانية أساسية، خاصة في أسواق مثل السعودية والإمارات، ويدعم المشترون المدعومون من الدولة، والذين يتمتعون بجدارة ائتمانية عالية، اليقين بشأن الإيرادات على المدى الطويل، وتؤدي الدولة دورًا نشطًا في تشكيل هياكل المشاريع وأطر المشتريات.
وإلى جانب اختيار نموذج الإيرادات، تؤدي هياكل التمويل أيضًا دورًا حاسمًا في تشكيل مدى قابلية تمويل مشاريع بطاريات تخزين الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي.
وتوقع التقرير أن يظل تمويل المشاريع هو نموذج التمويل السائد لمشاريع بطاريات تخزين الطاقة في منطقة الخليج. ومن المرجح أن يؤدي التزام المنطقة بتوسيع قدرات الطاقة المتجددة، إلى جانب انخفاض تكاليف البطاريات، إلى دفع المزيد من الاستثمارات.
ويعد استقرار الإيرادات أيضًا أحد الاعتبارات الرئيسية في التحليل الائتماني، لأنه يدعم مباشرةً تقييمنا لقدرة المشروع على توليد تدفقات نقدية يمكن التنبؤ بها وتلبية التزامات الديون بمرور الوقت.
وفي الشرق الأوسط، عادةً ما تدعم العقود طويلة الأجل مع مشتري واحد مشاريع بطاريات تخزين الطاقة، مما يحميها من مخاطر التجار.
وغالبًا ما تُهيكَل هذه الترتيبات حول المدفوعات القائمة على التوافر، وتعتمد الإيرادات على جاهزية النظام للتسليم، وليس على أحجام التسليم الفعلية أو الأسعار. ويعمل هذا النموذج على تعزيز التوافق بين المشغل والمشتري ويدعم القدرة على التنبؤ بالإيرادات على المدى الطويل.
وقال التقرير: إن البساطة النسبية للتكنولوجيا، والقاعدة المتنامية من الخبرة التشغيلية، وتدفقات الإيرادات المستقرة والمضمونة تعاقديًا، كلها عوامل تساهم في قابلية التمويل وجاذبية الاستثمار لمشاريع أنظمة بطاريات تخزين الطاقة في دول مجلس التعاون الخليجي.