في الوقت الذي يشهد فيه الاقتصاد العالمي حالة من عدم اليقين، تمضي المملكة العربية السعودية بخطى واثقة نحو ترسيخ نموذج اقتصادي مستدام، مدعومًا برؤية واضحة وإصلاحات عميقة، تجسّدها بوضوح ملامح ميزانية السعودية لعام 2026، التي لا تمثل مجرد خطة مالية فقط، بل تُعد خارطة طريق استراتيجية نحو مستقبل أكثر تنوعًا واستقرارًا.
من الاعتماد إلى التنوع
ميزانية 2026 تعكس مراحل الانتقال النوعي في بنية الاقتصاد السعودي، مع مواصلة الابتعاد المنهجي عن الاعتماد على الإيرادات النفطية، عبر تعظيم مصادر الدخل غير النفطي، وتعزيز مساهمة القطاعات الواعدة مثل السياحة، والخدمات اللوجستية، والصناعات التحويلية.
هذا التوجه لم يعد خيارًا، بل أصبح نجاح استراتيجي مهم، يؤسس بشكل قوي لاقتصاد متماسك، ومتنوع، وحيوي، وأكثر قدرة على الصمود في وجه الأزمات والتقلبات.
واحدة من أهم الرسائل التي تبعث بها ميزانية 2026 هي التحول الحقيقي نحو تحفيز الاقتصاد وتمكين القطاع الخاص. وذلك عبر مواصلة العمل النوعي والفريد نحو تهيئة البيئة التنظيمية والبنية التحتية، بما يُحفّز الاستثمار المحلي والأجنبي، ويُزيل المعوقات.
مبادرات مثل برنامج شريك، ومشروعات التخصيص، وسلاسل الإمداد الصناعية، ليست سوى أمثلة على أدوات التمكين الجديدة، التي تهدف لرفع مساهمة القطاع الخاص في الناتج المحلي الإجمالي إلى مستويات غير مسبوقة.
إنفاق حيوي.. واستثمار في المستقبل
ما يميز ميزانية 2026 هو الاستمرار في سياسة الإنفاق الحيوي، حيث يتم توجيه الموارد نحو المشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي المرتفع، لا سيما في التعليم، والرعاية الصحية، والتقنية، والبنية التحتية الرقمية.
الهدف ليس فقط دعم النمو الآني، بل الاستثمار في رأس المال البشري والمعرفي، باعتباره المحرّك الحقيقي للاقتصاد في المرحلة القادمة.
ميزانية السعودية 2026 تحمل بين طياتها رسائل اطمئنان للأسواق والمستثمرين على حد سواء. إذ تعكس مواصلة الالتزام بالانضباط المالي، وتحقيق توازن بين الإيرادات والنفقات، دون التأثير على زخم المشاريع التنموية.
هذه المعادلة الدقيقة تُعد عنصرًا جوهريًا في تعزيز الثقة، ودفع المزيد من الاستثمارات الأجنبية المباشرة، التي بدأت بالفعل تشهد نموًا متسارعًا، نتيجة للمرتكزات القوية، والتشريعات الحديثة، والبيئة الاقتصادية الجاذبة.
ميزانية السعودية 2026 ليست مجرد موازنة مالية، بل هي أداة استراتيجية من شأنها تحفيز الاقتصاد الوطني نحو مزيد من النمو، وبناء قطاع خاص منتج، مبتكر، ومنافس عالميًا.
الأرقام الصادرة في ميزانية 2026.. تفتح آفاق واسعة للنمو، وتدعم ملامح تحفيز جديد للاقتصاد؛ بما يتناسب مع طموحات وطن عظيم لا يقبل إلا بالريادة دائماً.. ومن نمو إلى نمو -بإذن الله-.
alfaleh222@yahoo.com