المعرفة.. خريطة العصور

بين صفحات الكتب صنعت المعرفة قصورًا من الثقافة، والعلم، ومفتاحها هو السؤال، ففي الماضي كانت الإجابة على أسئلة الدراسة مثلًا تتطلب بحثًا عن الكتب، والمراجع المتباينة الحجم، فكلما تزايدت صفحات الكتب كلما أصبح التجول بين دهاليز قصور العلم أطول، والإجابة أيضًا كلما قصر طولها قلَّت صحتها، وقيمتها؛ فمقولة «الطول عز» تنطبق عليها خصوصًا إذا كانت الأسئلة تخصصية، ومجموعةٌ من المعايير الأخرى تحدد موقع الإجابة المطلوبة، ورغم الوقت الطويل الذي يتكبده الطلبة خلال هذه الرحلة التي تبدأها الأعين، وتختمها الأيدي بكتابة الجواب المراد.
صفحات الويب عبر الإنترنت جعلت طريق الوصول معبدًا بالسهولة، وبدلًا من البحث عن بوابةٍ للقصور التي كتبتها المعرفة فسيجد الباحثون الدهليز أمامهم، وسيبحثون فقط عمَّا يريدونه، ويستطيع أصحاب المؤسسات، والشركات التجارية التعرف على منافسيهم، وجديد ما يدور في فلك مهنتهم عبر بضعٍ ثوانٍ بين صفحات الويب، ومع كل ضغطة زر تصبح الإجابة واضحةً للعيان، وتفاصيل الخريطة المعرفية التي صنعت القصور تكون واضحةً، وهذا ما يجعل للتقاعس ممرًا خفيًا يجعل المشي بطيئًا، وبهذا تكون الإجابة متململةً من الظهور، وبالكاد تكون النتيجة مرضية.
الذكاء الاصطناعي، خريطةٌ يخوض الزمان مع المعرفة بين دهاليزها لتظهر النتيجة، فلا يظهر الدهليز فحسب، بل تظهر الإجابة نفسها أمام الباحثين، ومع بعض الكلمات الرقيقة أيضًا، ولا تكون المعرفة قد بنت قصورًا، بل مدنًا عظيمة، ولكن المفاتبح أصبحت تتناثر أمام أسوار المدن؛ فعندما يطلب المرء من الذكاء الاصطناعي أمرًا سطحيًا، فسينتقل إلى سطح منزل الجواب، ولأجل ذلك يجب أن يكون السؤال مجموعة مفاتيحٍ لا واحدًا؛ فمع كل تقدمٍ معرفي، يجب تقديم أكثر من مفتاح؛ للاستدلال على منزال الإجابة حسب موقعها الصحيح، وبهذا ستكون هذه التفاصيل نقطةً مرجعية.
صنعت المعرفة إبداعاتها عبر السنوات، وأصبح اسم خريطة العصور اسمًا آخر لها.
BayianQs03@outlook.sa

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *