مقولة – الجائع لا يضحك – أخذت بيدي

أن نسعى في الأرض مثابرة، وجهدا.. تحديا وأملا.. من أجل حياة أفضل، فهذا لا يعني بأننا ندرك ماذا ستكون عليه هذه الحياة الأفضل، رغم عمق أمانينا، وجلاء تصورنا حول ما نريد. الحياة رغبات، وكثيرها لا يتحقق. الرغبات مجال ندور في فلكه. اختيارنا يوجهنا وفق شروط وظروف تتضارب أحيانا مع شروطنا وظروفنا. ننتصر إذا كانت قرارتنا صائبة.
قرار الاختيار بيد الشخص نفسه. لكن القرارات تتوقف على عوامل كثيرة، ولها اتجاهات.. فيها نصيب ونخطئ. الحياة نتائج قرار. كل ما نعيشه نتاج قرار. حتى المستقبل هو نتاج قرار حاضرنا.
تعلمت من سنين العمر، أن الحياة قرار. الفرد ميدان قرارات في كل لحظات حياته. في كل سنواتها، وأيامها، وساعاتها، ودقائقها، وثوانيها.
في خط زمن حياتنا.. القرارات الصائبة قليلة ونادرة. لو أن هناك قرار واحد فقط من كل عشر قرارات تتخذها فأنت ناجح بكل المعايير.
هناك شركاء في القرارات. يؤثرون.. أحيانا يتخذون القرارات نيابة عنّا. نصبح مع هذه الحالتين في موقع تنفيذ القرار وننتظر النتائج. هكذا عشت مع القرارات بعد حصولي على الشهادة الثانوية.
شرحت في مقال الأسبوع الماضي. كيف توقف شغفي الشخصي تجاه أمور بسبب رأي البعض ممن قابلته صدفة. لكن كل تلك الأمور كانت تدفع بشخصي، دون علمي، نحو الاهتمام بالمياه الجوفية.
بداية واجهت رغبة الوالد – رحمه الله -، كانت كلية البترول بالظهران. لكنها لم تكن رغبتي. هل كان الوالد يسعى أن أظل في مجال مراقبته الشخصية؟ كنت مشروعه ورهانه الوحيد منذ الصغر. كان يرى أن نجاحي «ابنه البكر» سيمهد الطريق لنجاح بقية أخوتي.
احتراما لوالدي سجلت بكلية البترول بعد الثانوية. لكن لم أتقدم لامتحان القبول عنوة. كان هدفي أن استلم خطابا منهم بعدم قبولي. وهكذا حصل. قدمته للوالد كعذر بأني حاولت ولم يتم قبولي. كان تصرف شخصي، به دافعت عن خياراتي وقناعاتي المستقبلية. لم أكن أعلم أنها ستكون لصالح المياه الجوفية.
مع عراك الاختيار بعد الثانوية، ظلت عبارة: «الجائع لا يضحك»، عالقة في ذهني. رأيتها جملة أدبية أشبه بقصة قصيرة تختزل أحداث توحي وتقول. دغدغة مشاعري الشابة والمتحمسة. كان يسندها التوجه الأدبي في أعماقي خلال المرحلة المتوسطة والذي زرعه أستاذي «عثمان الشاعر». في نهاية المطاف رجحت هي كفة التحاقي بكلية الزراعة بجامة الرياض «الملك سعود». اخترت الزراعة بهدف محاربة الجوع. لكن لم أعرف في حينه بأن العطش أكثر ألما وخطورة. أيضا عرفت لاحقا أن محاربة الجوع لا تتحقق بدون ماء.
الجائع لا يضحك.. عنوان قصيدة غير مكتوبة أو مقولة حركت بداخلي فلسفة قيم ومبادئ اكتسبتها في المرحلة المتوسطة. أقنعت نفسي بفلسفتها وتشبعت بمعطياتها. أصبحت قوة تحفيز أيقظت خبرات اكتسبتها من معهد عمي فرحان البيئي، خلال سنين الثانوية الثلاث في منطقة الباحة.
لم أكن أعرف بأن خليط الأشياء التي واجهت يعمل لتعزيز قضية المياه الجوفية في مسيرة حياتي العملية. كان خط سير مليء بالأحداث والمواقف وعوامل التحدي والعقبات. لكن مقولة «الجائع لا يضحك» أخذت بيدي نحو كلية الزراعة.. كان قرارا غير صائبا، لكنه أصبح أساسا في مسيرة رسم معالم قضيتي: المياه الجوفية. ويستمر الحديث.
mgh7m@yahoo.com

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *