يا بُنَيّ، حينما يُبْلِينِي الزمن، ويَفْتَكُ بي المرض، ويأخذُ بعضًا من ذاكرتي. لا تنساني، كما أنا لم أنسَكَ صغيرًا. ارْحَمْنِي وأنتَ كبيرٌ، فمن غيرك يتحمَّلني ويَعطفُ عليَّ؟ وأجرُكَ عند الله مكتوبٌ.
يا بُنَيّ، أنا لم أخترْ هذا المرض، بل الله هو من اختاره لي، لعلمه أنك بوسعك البرُّ بي. تأكَّدْ أنَّ بقدر ما تُحسنُ إليَّ يُحسنُ الله إليك، ويُعوِّضك بأضعاف ما تتخيَّله.
يا بُنَيّ، برُّكَ بي اليوم هي قصةٌ سيرويها لك أبناؤك غدًا. الزهايمر ليس مرضًا فحسب، وإنما انكشافٌ للأبناء في قوة عطفهم ورحمتهم وبرِّهم بوالدهم. وأيضًا، من ناحية أخرى، ينكشف من هو صديقك الصدوق الذي لم يتركك في عزِّ أزمتك. وفي الفترة التي تفقد فيها إحدى حواسك بسبب علتك، يتبيَّن لك نعمةُ أصدقائك أو جحيمُ تزيُّفهم!
الزهايمر.. مرض يمحي الذاكرة تدريجياً وله وقع ليس فقط على من ابتلي به، بل لعل أثره على من يحيطون بالمصاب أبلغ وأعمق، علمياً يعرف مرض آلزهايمر «اختصارًا آلزهايمر» أو خرَف الشيخوخة بأنه مرضٌ تحلليٌ عصبيٌ مزمنٌ، عادةً ما يبدأ بطيئًا ويزداد سوءًا بالتدريج مع مرور الوقت. يُعتبر سببًا لحوالي 60 – 70% من حالاتِ الخَرَف.
يبدأ عادةً بحدوث صعوبةٍ في تذكر الأحداث الأخيرة، ومع تقدم المرض، تظهرُ أعراضٌ تتضمن مشاكلًا في اللغة، وفقدان الطريق بسهولة، وتقلباتٍ في المزاج، وضعفًا في الدافِع، عدم القُدرة على العناية بالنفس، ومشاكلًا سلوكية. مع ازدياد سوء حالة الشخص، فإنهُ غالبًا ما ينسحبُ من بيئة الأسرة والمجتمع. وتدريجيًا، يفقدُ الشخص وظائفه الجسمية، مما يؤدي في النهاية إلى الوفاة.
في الحقيقة، هذا المرض كغيره من الأمراض يستدعي التكاتف الاجتماعي لمواجهة تحدياته، ولا يسعني سوى أن أشكرَ وأقدِّرَ من بادر ووضع يومًا خاصًّا لمرضى الزهايمر، لأنهم منَّا وفينا. ومن الأصالة الإنسانية أن نقف معهم صفًّا واحدًا. الحادي والعشرين من سبتمبر نجعله يومًا للإنسانية والوفاء. فلا ننسى من كانوا معنا في صحتهم وعافيتهم، ولا نتركهم وهم في عزِّ مرضهم. والحياة سلفٌ ودَيْنٌ، وما نفعله في غيرنا نراه في أنفسنا، ويَنعكس على رزقنا.