كلنا ننشد المدرب المؤثر، صاحب الحضور الشخصي، والحديث القوي، والصوت الشجي، واللغة البليغة المسترسلة، والخبير في مجال بعينه، وهو المتمكن من تسخير أدواته المهارية وباحتراف، والغزير في معلوماته المعرفية! أين هو؟ إذا وجدناه! حقيقة تجدنا نقبل عليه، ونبحث عنه في كل وسيلة تواصل اجتماعية.
مستمعون له، متفقدين أخباره، وأصبحنا من جمهوره، والمتابعين له. إذا هو أصبح بمقاييس هذا العصر «النجم». وهم كثرا، أطلوا علينا من كل صوب وحدب، وفي كل تخصص، وعلم، ومكان. لكن ما هو سر إقبالنا لهؤلاء النجوم؟ لماذا يختلف هؤلاء النجوم «المدربون» البارزون عن غيرهم؟ هل لهم وسائل وإمكانيات ساهمت في تميزهم وتنجمهم؟
فلو نظرنا بتحليل استقصائي إلى جوهر التدريب الفاعل، ومقوماته، ووسائل نجاح حصصه، نجده هو المدرب، ولا غيره، فهو الشخص، الذي احترف مهمة تزويد المعرفة، أو نقل المهارة، أو تغيير سلوك، وتوجيه أفراد، بتقديمه حزم من برامج وأنشطة وورش تدريبية، روعي فيها التخطيط المسبق، وبعناوين، وأهداف يحقق منها غايات محددة، ومهارات مقننة. هذه القدرات نجدها لدى هذا «النجم» تتضح فيه مدى اهتمامه وإلمامه العميق، وتخطيطه للعملية التدريبية المنظمة المبنية على مقاييس علمية فعالة، فيها التحضير الجيد والفهم للمحتوى المقدم، واستعداده وباقتدار على ربط هذا المحتوى بالواقع الممارس العملي للمتدربين، واستعداده النفسي وشغفه على تقديم تلك المعلومات والمعارف بجلاء وحضور جاذب، مستخدما لغة الجسد المحسوبة والمرسومة، ولغة خطاب صوتي موزون، محفزا فيه مهارة الاستماع والإنصات. إذا هو القادر على تحقيق أغراض عملية التدريب، التي يجب أن تكون مقصودة، ومخططاً لها، لأنه في الواقع لا يوجد تدريب لأجل التدريب، وإنما يجب أن يصمم علّى حسب تحليل الاحتياج، ليحقق الأهداف الموضوعة له، والتطوير المنشود في حياة الأفراد العملية، رافعا ومساهما من ممارستهم.
فهو من المفترض يصبح ضرورة في مسيرة حياة الأفراد وليس ترفاً. إذا كلما كان بهدف، فهو قطعا سوف يحدث تحولا إيجابيا في المتدربين الأفراد من حيث مواقفهم، معارفهم، ومهاراتهم كذلك. مما يؤهلهم لأداء المهام المطلوبة منهم بشكل فاعل، محققا أغراضه المستهدفة.
خلاصة القول، إنه المدرب «النجم» لذي قدم له الحظوة والصيت، والشهرة. فهو الذي نصب نفسه ليصبح القلب النابض، والعقل المفكر لعملية التدريب بأكملها. قائدا ومؤثرا، ميسر ومنشط تارةً، ومحفز تارة أخرى، قوته في قدرته على تكييف أدواته وأساليبه المختلفة، لتقديم محتوى تدريبي مشوق، وبنمط تعليمي مبتكر.
akuwaiti@iau.edu.sa