سر الصحراء ودهاء العرب

اعتمد الانسان قديماً على حسه الداخلي وقدرته على قراءة حركات الجسم والأصوات، وأيضاً من خلال ملامحهم وهو تحليل دقيق لتصرفات وسلوكيات الآخرين فقد اشتهرت العرب بذلك وأصبحت جزءا من ثقافتهم.
عُرفت العرب منذ القدم وخاصة للبدو بالفراسة، فهي موهبة فطرية لفهم من حولهم ويدركون مالا يُقال ولا يُسمع، وهي قدرة ذهنية ونظرة ثاقبة للملاحظة السريعة والعميقة ومعرفة خفايا النفس، فالفراسة كانت ولا زالت من صفات العربي الفطن.
نشأت الفراسة منذ القدم وورد ذكرها في القرآن الكريم والسنة النبوية واستدل بها في علوم عدة مثل: علم الطب فعن أبي سعيد قال:-قال الرسول -صلى الله عليه وسلم- «أتقوا فراسة المؤمن فإنه ينظر بنور الله».
ومن أنواع الفراسة التي يستخدمها العرب، فراسة الحدس، وأيضاً فراسة الصوت، وفراسة الوجه، وفراسة الحركة، وهناك أيضاً مجموعة من مصطلحات عن الفراسة عند العرب وهي القيافة والريافة، حيث أن الريافة اشتهرت به البدو خاصة بسبب ظروفهم القاسية وترحلهم المستمر لاستمرارية الحياه لهم ولمواشيهم فهو اكتشاف مواطن المياه وأماكن تواجدها ودلالات على مواقعها، ومنها أيضا العيافة وهي تتبع الأثر سواء أثر لأشخاص أو حيوانات ومعرفة من سلك الطريق وأين وجهته، وأيضاً في تتبع الفريسة للصيد والاختلاج هو تحليل الآثار تحليل عميق كالمعرفة هل هو ذكر أم أنثى وحالته الصحية، وأيضاً يعرف نوع الأثر وإلى أي قبيلة يعود لها الأثر ومن الشخصيات المشهورة الفراسة عبر التاريخ،الإمام الشافعي- رحمه الله – فقد جمع بين فقه الحجاز والعراق وتميز عن أقرانه بذكائه وفطنته وسرعة بديهته، والملك عبدالعزيز بن عبد الرحمن آل سعود – طيّب الله ثراه -موحد هذه الأرض المباركة، فقد تميز بالفراسة السياسية والحكمة والبصيرة حيث يقرأ نوايا الناس ويتنبأ بعواقب الأمور بسبب نظرته الثاقبة وفراسته.
ختاما الفراسة هي ليست مجرد ملاحظة أو صوت صامت، بل هي فن عميق لقراءة ما بين السطور وذكاء خفي ليست خيال أو أساطير، بل واقع لسر الصحراء ودهاء العرب.

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *