تحويل «التبعية إلى إنتاجية» في سوق العمل

في خطوة مهمة لتنظيم سوق العمل وتوسيع قاعدة القوى العاملة المؤهلة لجعل سوق العمل السعودي أكثر «كفاءة وتنوعًا»، وافق مجلس الوزراء على طلب وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية إضافة صلاحية تحديد المقابل المالي لعمل المرافقين والمرافقات للعمالة الوافدة النظامية إلى الصلاحيات الممنوحة له، وفي هذا المقال سأتطرق لوجهة نظري الشخصية عن هذا التوجه في سوق العمل بالمملكة.
نص القرار على منح وزير الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، تنظيم عمل المرافقين والمرافقات للعمالة الوافدة النظامية في المملكة، وتحديد التوسع في الأنشطة الاقتصادية والمهن، وذلك بالتنسيق مع الجهات ذات العلاقة، وتمت إضافة تحديد المقابل المالي لعمل المرافقين والمرافقات للعمالة الوافدة النظامية في المملكة وذلك بالاتفاق مع وزارة المالية ومركز تنمية الإيرادات غير النفطية.
القرار تضمن أن يكون مجموع ما يتم تحصيله على كل مرافق سيعمل في سوق العمل مساوياً لما يتم تحصيله من المقابل المالي المقرر على العمالة الوافدة في القطاع الخاص، وهذا يعني أن الأقرب لذلك هو أن يتم تنظيم هذا التوجه ووضع الضوابط المنظمة لعمل المرافقين والمرافقات، بالإضافة لتحديد القطاعات الاقتصادية والمهن المسموح لهم بالعمل فيها من خلال تطوير اشتراطات برنامج «أجير»، والذي يهدف لتسهيل وصول منشآت السوق إلى القوى العاملة الداخلية.
برنامج أجير أحد برامج وزارة الموارد البشرية التي لها تأثير إيجابي على مؤشرات سوق العمل، ومنذ إطلاقه ساهم بشكل كبير في تمكين وتحديث حركة القوى العاملة في السوق السعودي من خلال توفير حلول فعّالة وسريعة، حيث سهل من تقليل الاعتماد على الاستقدام الخارجي وزيادة مرونة سوق العمل من خلال تلبية احتياجات المنشآت الموسمية والطارئة، وتعتبر فترة أزمة «الكورونا» شاهداً على ذلك.
هذا التوجه سيقلل من تواجد حالات العمل غير المنظم، حيث كان بعض المرافقين يعملون بشكل غير رسمي مما يؤثر على مفهوم التنافسية والعدالة بين المنشآت، وأرى أن هذا التوجه سيساهم في استغلال الطاقات والقدرات الكامنة للمرافقين النظاميين، حيث أن الكثير من المرافقين يحملون مؤهلات علمية أو مهارات مهنية «غير مستثمرة» يمكن الاستفادة منها في سوق العمل بدلاً من بقائها مُعطلة، وسيساهم ذلك في التقليل من الاستقدام الخارجي خاصة في الاحتياجات المؤقتة والموسمية، وسيفتح المجال أمام القطاع الخاص للاستفادة من كفاءات ومهارات هذه الفئة، والتي ستكون متاحة بتكاليف أقل مقارنة باستقدام عمالة من الخارج.
على الرغم من عدم الإعلان «التفصيلي» عن هذا التوجه، لكن أرى أنه يستهدف تحويل «التبعية إلى إنتاجية»، وذلك من خلال تحول أفراد الأسرة المرافقين إلى شريك فاعل في سوق العمل بالمملكة مما يعود بالنفع على الاقتصاد وسوق العمل وتحسين جودة الحياة، وهذا الأمر يدعم توجه الوزارة لتحقيق العديد من مستهدفات رؤية المملكة في تحقيق «المرونة في سوق العمل» و«تمكين الكفاءات» إضافة إلى «رفع نسبة مشاركة القوى العاملة».
البعض ينظر لهذا التوجه بأنه سيتسبب في التضييق على دخول المواطنين لسوق العمل، وشخصياً أرى العكس حيث أنه يعتبر «حل مرحلي» سيساهم في تقليل الاستقدام الخارجي المباشر لتغطية الاحتياجات العاجلة، مما يتيح فرصًا أكثر لاستدامة عمل المواطنين في وظائف نوعية على المدى الطويل، وبالإضافة لذلك؛ بما أن التوجه سيعتمد بشكل أكبر على العمل المؤقت للمرافقين «كبوادر أولية»، فستكون هناك فرصة للمنشآت في عدم الدخول في التزامات طويلة الأجل وسيعزز من كفاءة النفقات التشغيلية لها، والأهم من ذلك الاستمرار بمراجعة معدلات التوطين التي يتم إقرارها لضمان أولوية فرص العمل للمواطنين.
ختاماً؛ وضع ضوابط واضحة ومتكاملة مع برامج التوطين، سيسهم في بناء سوق عمل أكثر كفاءة واستدامة يتماشى مع مستهدفات رؤية المملكة.
مستشار موارد بشرية
khaled@econsult.com.sa

Leave a Reply

Your email address will not be published. Required fields are marked *